رسولنا رحمه للعالمين
الطاهر عبد الحى
الهاشمى
يقول الله فى محكم
تنزيله مخاطبا ومادحا لرسوله الكريم صلوات الله عليه ( وما أرسلناك إلا رحمة
للعالمين) في سورة الأنبياء الآية 107 ...
فالرسول ص هو منبع
الرحمات لجميع البشر وهو منهل الرأفة والطمأنينه
من مقتضيات الحكمة
الإلهية تجاه البشر أن يُعيّن اللهُ تعالى الإنسانَ في مسيرته المليئة بالمنعطفات
لبلوغ هدفه التكاملي الذي خُلق من أجله، وإلّا انتَقض الهدف من الخلقة، وهذا الهدف
لا يمكن تحقيقه بغير الوحي الإلهي والكتب السماوية والتعاليم السليمة من كل خطأ
وسهو.
كما أنّ الرحمة
الإلهية شاملة لجميع بني البشر، المؤمن منهم وغير المؤمن، كما هو المدلول الواضح
لقوله تعالى: "الرحمن الرحيم"، فكذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو
رحمة للعالمين بمقتضى الآية الكريمة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِّلْعَالَمِينَ﴾
لأجل أنّه مظاهر رحمة الله على الخلق ، والشفقة
على الرعيّة ، وقد بلغت رحمته الغاية والنهاية ، فكان معادن الرحمة
ان النبي ( صلى الله
عليه وآله ) رحمة للعالمين دون ريب أو شك، وما مضى كان مجلى من مجالي رحمة الله
تعالى لكن يبقى هناك سؤال:
إن الآية صريحة في
انه( صلى الله عليه وآله )رحمة للعالمين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ) ومع ضم هذه الآية الى أية (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين)
ستكون النتيجة مذهلة من حيث سعة رحمة رسول الله( صلى الله عليه وآله )؛ لان الله
رب كل العوالم ماظهر منها ومابطن وان عوالم الغيب أكثر من ان تحصى! فكل ما كان
الله تعالى له رب فان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) له رحمة!
وهو ما أشار اليه
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في جوابه على شبهة طرحها احد اليهود مستشكلا على
هذه الآية؟ بالذات (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)وهو وجه
دقيق ولطيف ويمكن عده تحقيقاً للوجه الأول، وسنبين هذا الوجه ونستعرضه بنحو يكون
تمهيداً لفهم أفضل للرواية الواردة عن الأمير ( عليه السلام )، فنقول: لا بد من ان
نمثل أولا بمثال يتضح به وجه الجواب بأبسط الوجوه
إنّ الإنسان المؤمن
يطمع ويتطلّع إلى مظاهر الرحمة النبوية ليس في عالم الدنيا فحسب، بل نظره الأساس
إلى عالم الآخرة حيث الحاجة الماسّة إلى هذه الرحمة.
وفي ذلك اليوم
الموعود المشهود تُظلِّل المؤمنينَ هذه الرحمةُ النبوية الواسعة، والتي تتجلّى في
شفاعته (صلى الله عليه وآله).
فقد سُئِل الإمام
الصادق (عليه السلام) عن شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة، فقال (عليه
السلام): "يلجم الناس يوم القيامة العرق فيقولون: اِنطلقوا بنا إلى آدم يشفع
لنا عند ربه، فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا عند ربّك، فيقول: إنّ لي ذنباً وخطيئة
فعليكم بنوح، فيأتون نوحاً فيردّهم إلى مَن يليه، ويردّهم كلّ نبيّ إلى مَن يليه
حتى ينتهون إلى عيسى فيقول: عليكم بمحمّد رسول الله، فيَعرِضون أنفسهم عليه
ويسألونه فيقول: انطلقوا، فينطلق بهم إلى باب الجنة، ويستقبل بابَ الرحمن ويخرّ
ساجداً، فيمكث ما شاء، فيقول الله عزّ وجلّ: ارفع رأسك واشفع تُشَفَّعْ وسَلْ
تُعطَ، وذلك قوله تعالى: ﴿عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾.
فرسولنا الكريم صلوات
الله عليه والله صفى رحمه الله الواسعة للإنسانية جمعاء.
0 تعليقات