آخر الأخبار

من العمامة إلى العقال (مهدي السويج) أنموذجا





من العمامة إلى العقال (مهدي السويج) أنموذجا


علي الأصولي

لم يكن السيد مهدي السويج رجل فقه ودين من الطراز الكلاسيكي بل كان شاعرا وأديبا ومؤلفا برع في مجال الخطابة والشعر ، وليس هذا موضوع الغرابة بل إنه كتب قصائد في نظم قواعد اللغة الإنكليزية واردفها بنظم قواعد اللغة الكردية أيضا، وهو لم يكن يعرف شيء عن أصول اللغة الإنكليزية والكردية في التعليم الأكاديمي في البصرة حيث النشأة هناك،

في أواسط التسعينيات سقط بيدي كتاب من ثلاثة أجزاء للسيد السويج موسوم ب (كفاية الخطيب)، فقد جمع فيه المؤلف خطبه ببيانات ممتعة ابتداء بآية قرآنية ومن ثم العروج للشواهد التاريخية وختمها بالنعي واستذكار واقعة الطف على ما اذكر ، وفي أحد الأجزاء تناول شهر رمضان بالفقه والتفسير والتاريخ منذ يومه الأول إلى عيد الفطر ،

السيد السويج الذي كان يحضر مجلس خطابه احمد حسن البكر عندما كان مكلفا في المعقل قبل ترأسه الجمهورية العراقية وله علاقة طيبة معه قبل سيطرة البعثيين على مقاليد الحكم ، وبعد السيطرة أرسل إليه البكر عارضا عليه إنشاء وزارة دينية يترأسها السويج فرفض السيد آنذاك وعرض عليه الإنتماء للحزب فاعتذر منه كونه يواصل مشواره العلمي ويفضل أن يبقى مستقلا ،

وجد نفسه في أحد أحياء السيد زينب (ع) في دمشق الشام وقد أعياه المرض والفقر وجعله يترنح بينهما ( أه اف لك يا زمان ) وهنا أترككم مع رواية السيد حسن الكشميري في نهاية المطاف، إذ قال الكشميري تحت عنوان ، خطباء في الذاكرة ،
الخطيب السيد مهدي السويج (رحمه الله ) خطيب بارع  وكاتب قدير ، وشخصية اجتماعية مهمة ، إلتقيته في البصرة عام ١٩٦١م حينما ذهبتُ إلى هناك أقرأ في محرم كمقدمة  ، وعرفت موقعه وأهمية منبره ،  ثم تعاقبت الأيام والسنين وسكن النجف الاشرف لسنوات ، ثم هرب من ظلم الطاغية وبقي متنقلاً بين إيران و سوريا  ، وفي عام ١٩٩٨م شاهدته بوضع مؤلم في ضواحي الزينبية  في سوريا ، وقد استبدل العمامة بالعقال ، وكان منهكاً ، وبعد حديث من هنا وهناك ، سألته : لِمَ  خلعت العمامة .؟ فأخذ نفساً عميقاً يكشف عن حزن عميق  ، ثم أجابني بهذين البيتين وهما من نظمه :

وجدتُ من العمائم ما دعاني .... لتبديل العمامةَ بالعقالِ
وما كل العمائم أهل سوءٍ .... و لكن عمهم سوء الفعالِ

وبعد فترة علمت أنه قد توفي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته انتهى نعم استبدل السيد مهدي العمامة بالعقال في ظرف لم تعد للعمامة قيمة لكثرة المنتحلين والطارئين عليها ، رحم الله السيد السويج وجعل مثواه الجنة .

إرسال تعليق

0 تعليقات