بين مطهري وشريعتي
عز الدين محمد
في منتصف القرن
الماضي برز في إيران مفكران كبيران كان لهما تأثير كبير في إيران والعالم الإسلامي
عموما، الأول هو الشيخ د. مرتضى المطهري (1919- 1979) وهو رجل دين ومفكر كبير
ومنظر له وزنه ورؤيته؛ والثاني هو د. علي
شريعتي (1933- 1977) وهو مفكر يساري إسلامي ترك ولا زال تأثيرا كبيرا.
في البداية كانت
وجهات نظرهما متقاربة، وكانا يلقيان محاضرات في "حسينية الإرشاد" لكن في
وقت متأخر حدث بينهما اختلاف واضح جعل مطهري ينتقد صراحة شريعتي وفكره، ربما يرجع
الأمر الى أن شريعتي انتقد بشدة من قبل أطراف
في المؤسسة الدينية، وهو ما جعل مطهري في وضع حرج، لذا فقد ترك شريعتي وحسينية الإرشاد
وذهب لإلقاء محاضراته في مسجد آخر.
مطهري بقي ابن
المؤسسة الدينية رغم شجاعة في كثير من طروحاته، ولا سيا كتابه الكبير والمهم "الملحمة
الحسينية" إلا أنه بقي ابن المؤسسة الدينية المحافظة، والتي تفرض على كل من
ينتمي إليها ان يكون حريصا جدا ودقيقا جدا، حتى لو أدى ذلك الى هدر أو تجاهل بعض
المسائل المعرفية لصالح ما يقتضيه الانتماء للمؤسسة.
أما شريعتي، فقد كان
يحلق بحرية، وكانت مؤلفاته الى حد كبير تعبيرا وترجمة لصرخاته، إلا انه رغم غربته
ورغم علاقاته مع ابرز مثقفي العالم بقي يدافع عن الشخصية الأصلية والهوية الثقافية
ويرفض مسخها ويدعو الى "الرجوع الى الذات" قرأ التشيع تاريخا ومضمونا،
وفرق بين "التشيع العلوي والتشيع الصفوي".. إلا ان انتقاده للمؤسسة
الدينية أثار كثيرين ضده رغم أنه كان نقدا مؤدبا، لذا كثرت الانتقادات عليه
والاتهامات ضده لا سيما بعد موته في داخل المؤسسة الدينية وبشكل خاص من الخط
المتطرف مذهبيا وبعض المراهقين معرفيا من صغار المعممين الذين يرددون بعض الكلمات
دون ان يفهموا ما فيها.
اعتقد في
النتيجة أن مطهري مفكر كبير مثقف من
الطراز الأول إلا أنه مثقف مرحلة، أما شريعتي فلا زال يخترق الزمن، ولا زالت كتبه
مؤثرة وملهمة بشكل كبير.
0 تعليقات