آخر الأخبار

مؤتمر برلين - ليبيا




مؤتمر برلين - ليبيا
الرصد والتفنيد للعلاقات التركية المصرية وكيف وصلنا لما نحن فيه



ناجي عباس

فاجأني صديق وزميل ألماني عزيز - خلال الجلسة المغلقة للمؤتمرين في برلين - باصطحابه للزميل مراسل الصحيفة التركية الاشهر مشيراً الى انه لديه سؤال حول أسباب سوء العلاقات التركية المصرية بهذا الشكل المتسارع في السنوات الأخيرة - بالرغم من ان كل التوقعات كانت تشير الى ان العلاقات ستتحسن بعد سقوط حسني مبارك في 2011؟

قلت له " اعرف موقفك المؤيد لكل مواقف الرئيس التركي ، وحساسيتك الشديدة من انتقاده، بالرغم من ذلك سأصارحك بوجهة نظري الخاصة جداً بشأن ما يقوم به رئيسكم رجب طيب اردوجان منذ ان كان رئيساً للوزراء، وتسبب في الحالة التي وصلنا لها الآن - تتذكر بالطبع كيف كانت العلاقات التركية المصرية والتركية العربية قبل " الربيع العربي المزعوم " وكيف كانت تركيا تمارس دوراً مزودجاً مشبوهاً، وتحديداً في مصر وسوريا؟

قاطعني قائلاً " لا طبعاً ..لا أتذكر ان تركيا - الآن أو سابقاً - مارست يوماً حيال مصر أو سوريا موقفاً مزدوجاً.فمواقف تركيا دوماً شريفة ".

قلت له - ما تقوله غير صحيح ، ومواقف تركيا مزدوجة ، وتأمرت وتتآمر على مصر وسوريا منذ اكثر من عشرين سنة، وسأعطيك أمثلة امام صديقنا فلان - ولا تقاطعني حتى انهي حديثي. - قبل عام 2011 بسبع سنوات كاملة وتحديداً في عام 2004 كان الرئيس التركي هو سليمان ديميريل، ولم يكن الرئيس الحالي - رجب طيب اردوجان قد تسلم رئاسة الوزراء الا قبل ذلك بعام واحد - وكانت الأجهزة المصرية في الخارج ترصد بدقة شديدة التسارع الحاصل في العلاقات بين التنظيم الدولي لحركة الاخوان المسلمين - ودائرة الأمن في حزب العدالة والتنمية بنهاية عام 2001 - على نحو تجاوز حتى ما كان يقوم به حزب الرفاه ونجم الدين أربكان مع التيارات الارهابية المعادية لمصر في كل من باكستان وإندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا وغيرهم في عامي 1995 - 1996، بعد ذلك لعبت تركيا دوراً مشبوهاً في ترتيب الاتصالات بين جماعة الاخوان المسلمين والولايات المتحدة الأمريكية - على نحو دفع واشنطن لاجبار الرئيس المصري حسني مبارك للسماح للاخوان بالنزول للانتخابات البرلمانية عام 2005 " للبرهنة على قوة الاخوان على الآرض تمهيداً لتسلمها السلطة فيما بعد - في تلك الاثناء كان التمهيد " للربيع العربي المزعوم " يجري على قدم وساق وكانت حركة الاخوان تجد من تركيا كل أشكال الدعم وخاصة المعلوماتي - ومثلما لعبت تركيا مع مصر دوراً مزدوجاً كانت تمارس نفس الأمر مع سوريا - وذلك تحت غطاء لعب دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل عبر المفاوضات غير المباشرة التي كانت تقوم بها على أراضيها، وسمحت من خلالها للمخابرات الاسرائيلية بالعمل بحرية في اوساط سياسيين سوريين - وفي عام 2009 -أي قبل الاحداث الشهيرة في مصر وسوريا بعامين فقط شهدت العلاقات السورية التركية تطورًا هائلاً على كل الصعد السياسية والاقتصادية والتعليمية والسياحية، واقدم البلدان على توقيع اتفاقية التجارة الحرة السورية التركية، وعدد كبير من الاتفاقيات الاخرى - بل وقامت جامعة حلب بمنح رجب طيب أردوغان - باعتباره رئيس الوزراء التركي آنذاك - شهادة الدكتوراه، وفي النفس الوقت كان اردوجان يرتب أوضاع " المعارضة السورية بكل اشكالها - وخاصة الاسلامية منها - ويمد أياديه بالسلاح لدعم " المعارضة السورية ، بل وداخل الجيش السوري بشتى الصور لصالح اسرائيل - واستمر تقديم الدعم المعلوماتي والأمني للتنظيم الدولي لحركة الاخوان المسلمين في مصر وسوريا عبر السفارات والقنصليات التركية ..ولاستكمال المؤامرة - أقدمت تركيا على الغاء تأشيرة السفر - الفيزا - بين سوريا وتركيا بدءً من سبتمبر 2009 - ليستطيع كل من يريد من مواطني البلدين السفر ذهاباً واياباً بجواز سفر فقط دون وجوب الحصول على تأشيرة دخول - كل هذا كان يجري بالتوازي مع اجتماعات ولقاءات ودعم كامل لعناصر الاخوان المسلمين في مصر وسوريا ، ورصدت مصر في ذلك الوقت اجتماعات لعناصر الاخوان في انقرة واسطنبول - كما رصدت معسكرات تدريب عناصر الاخوان المصريين والسوريين على السلاح في أزمير وبورصة وأضنة تمهيداً لما تم بعد ذلك في البلدين في 2011، ..كانت الأجهزة الفاعلة في مصر ترى حينها كل ما يجري من رجب طيب اردوجان وجهاز أمن حزب العدالة والتنمية الذي سيطر بشكل كامل على جهاز المخابرات التركي ، بل وحذرت الاجهزة الأمنية المصرية - مثيلتها في سوريا قبل توقيع اتفاقية التجارة الحرة والغاء تأشيرة السفر بين البلدين عام 2009 - لكن الاخوة في سوريا تصوروا ان مصر " تعلب دوراً لحساب منطقة الخليج - لمنع تطور العلاقات السورية التركية - ولم يفهموا حينها ان أمن سوريا يهم مصر أكثر مما عداه..بل سأقول لك أكثر من ذلك - فحين قام الرئيس التركي عبدالله جول بزيارة مصر في مارس 2011 - اثناء الفوضى العارمة في مصر - قام بعض عناصر المخابرات التركية بالتواصل مع مكتب الارشاد لحركة الاخوان في نفس الوقت الذي كان يجلس فيه الرئيس التركي عبدالله جول مع المشير حسين طنطاوي ..وكل ذلك كانت ترصده مصر - فماذا تسمي ذلك ان لم يكن دوراً مزدوجاً؟...يمكنك بالطبع سؤال اصدقائك النافذين في تركيا عن كل معلومة وردت في حديثي معك - وسيؤكدونها لك - وحينها ستعلم لماذا ساءت العلاقات التركية المصرية .

إرسال تعليق

0 تعليقات