آخر الأخبار

اليعقوبى وأٌحد العراق




اليعقوبى وأٌحد العراق

محمد النجفى

كلمة المرجع اليعقوبي ( فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ ... ) والأحداث الجارية في الساحة!

لماذا اختار سماحته هذه الآية الخاصة بمعركة أحد وتداعيتها ؟!
الذي يتابع ما يصدر عن المرجع اليعقوبي من كلمات يجد أن سماحته يشخص من خلالها مشاكل في الواقع ويضع لها الحلول أو يلفت نظر عامة المجتمع وكذلك القادة إلى الحلول ... وهذا ديدنه وقبل أيام أطل علينا بكلمة حملت عنوان ( (فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) فكيف يكون الغم ثواباً ؟ )[ 1 ]

لماذا اختار سماحة المرجع هذه الآية الخاصة بمعركة أحد وتداعيتها ؟!

وهذا التساؤل ضروري وهو ما قد أوصانا به المرجع اليعقوبي في كلمة مسجلة[ 2 ] بضرورة أن نتساءل عن سبب اختيار سماحته لهذا الموضوع أو هذه الآية أو هذه الكلمة حتى نصل إلى مراد سماحته.

وإن ما يتكلم به سماحته ليس ترفا فكريا وإنما علاجات لحالة موجودة في الواقع[ 3 ] ورغم أن الكلمة المسجلة لم تذكر الدروس والعبر المستفادة من هذه الآية وهذه الحادثة ورغم يقيني أنه توجد دروس وعبر تخص واقعنا كتبت مقدمة ونشرتها فكتب أحد الأخوة تعليقا قال فيه: ( سمعت من سماحته اليوم أن وقت المحاضرة حال دون اعطاء تطبيقات معاصرة ودروس مستفادة من النص القرآني .. ) لذا سنستخلص الدروس والعبر من هذه الكلمة وأكيد سنطلع فيما بعد على الدروس التي استخلصها سماحته حينما يتم نشر الكلمة في نشرة الصادقين ...

نرجع إلى سؤالنا: لماذا اختار سماحة المرجع هذه الآية الخاصة بمعركة أحد وتداعيتها ؟!

أعتقد أن أهم أسباب اختياره لهذه الآية التي تتحدث عن معركة أحد هو الشبه بينها وبين حالة العراق منذ سقوط النظام البعثي المجرم إلى الآن وخاصة ما يجري الآن على الساحة العراقية  ...

وأهم درس في ذلك أن المجتمع إذا اتبع القيادة الرشيدة الواعية والتزم بأوامرها وتوجيهاته فإنه سينتصر لا محالة ...

توجد كلمة للمرجع اليعقوبي سنة 2004 جاء فيها:
واحد من صمامات الامان من الانحراف ومن الفتنة هو الارتباط بالمرجعية ووعي أهدافها ومشروعها وتطبيقه فهذا باختصار هي المحصنة من الفتن[ 4 ].

وأصدر المرجع اليعقوبي الكثير من البيانات وتحدث بكلمات كثيرة وأدى دوره في القيادة حيث أوضح للمجتمع التكاليف ورسم لهم الطريق في وقت مبكر وحذرهم من التساهل في العمل بها حيث قال في بعض كلماته:
اذا غبتم عن الساحة تُؤكلون[ 5 ] وأكد كثيرا على ضرورة الحضور في الساحة ومعرفة ما يجري فيها وأن يكون لدى عامة الشعب وعي وثقافة سياسية ويجب أن يكون هذا الحضور مستمرا وفاعلا ومؤثرا وواعيا حتى يكون ذا هدف وحتى يكون مؤثرا على سياسة الدولة وأوضح سبب ذلك حيث قال: حينما تغفلون وحينما تغيبون سوف تضيع حقوقكم[ 6 ] وقد تم افشال كثير من المشاريع الجاهزة التي جاء بها الاحتلال لتطبيقها نتيجة الحضور الواعي والفاعل للمجتمع وخصوصا الواعين والتفافهم حول المرجعية الرشيدة ومنها مؤتمر الناصرية وخروج عشرات الآلاف من المتظاهرين والمجلس السياسي ومن ثم تم تغيير اسمه الى المجلس الاستشاري ... ولكن بعد انسحاب المجتمع من الحضور الفاعل في ساحة المواجهة السلمية والركون إلى الراحة والدعة وعدم التفاعل مع أوامر وتوجيهات المرجعية الرشيدة نجح الاحتلال وبعض القوى السياسية بتمرير بعض هذه المشاريع والتي منها تشكيل مجلس الحكم في تموز 2003 [ 7 ] وتعيين الحكومة العراقية المؤقتة من قبل قوات الاحتلال في حزيران 2004 [ 8 ].

وقد قدم سماحته في وقت مبكر كثير من الحلول إلا أن قوات الاحتلال والقوى السياسية لم تقبلها ثم عادوا إليها بعد طول تخبط وارتباك ومزيد من الخسائر...[ 9 ].

وكان سماحته ينتقد هذا التخبط ومن بين كلماته الكثيرة كلمة قالها سنة 2004:

والإسلاميون الذين سعوا منذ عشرات السنين لكي يحكم الإسلام لما وصلوا إلى المناصب لم نرّ للإسلام أثراً في عملهم، ولم يجعلوا مناصبهم وسيلة لبسط العدل ومساعدة المحرومين ورفع الظلم والقضاء على الفساد بل وقعوا في الأخطاء نفسها ولم يكن لهم هم إلاّ التشبث بالكراسي[ 10 ].

وتوالت الانتكاسات واستمر التراجع بسبب عدم اتباع القيادة الرشيدة وطاعته وعدم الحضور في الساحة حتى وصل العراق وشعبه إلى حال لا يحسد عليه ...

أما من واقعنا الحاضر ... فالانتفاضة المباركة التي استعاد المنتفضون الهوية الوطنية التي سلبها الطائفيون والفاسدون والعملاء وهذا منجز كبير وكادت أن تتحقق الكثير من المنجزات ولكن بعض المنتفضين لم يلتزموا بأوامر وتوجيهات القيادة الرشيدة التي أكدت على أن يحافظوا على سلمية الانتفاضة وأن يحافظوا على الممتلكات العامة والخاصة وأن لا يعتدوا على أحدٍ من القوات الأمنية او غيرهم ..

وأوضحت الهدف من ذلك بقولها: ليكسبوا المزيد من التأييد والتعاطف الداخلي والخارجي ..

وحذرت من العمل بخلاف هذا التوجيه حيث قالت:
وان الانجرار وراء صيحات التخريب والعنف والفساد الأخلاقي والخلاعة والمجّون التي تحركها أجندات معادية يُفقِدكم التأييد ويُذهِب بحقّكم ويحوّلكم الى معتدين..

وختمت هذه العبارة بقولها: فانتبهوا وتفطّنوا[ 11 ].

وقد أكدت المرجعية الرشيدة أن على الشعب أن يستثمر هذهِ اليقظة الواعية ويستجمع قواه ويختار ممثليه الحقيقيين ليصوغوا له مبادرة تستجيب لمطالبه وتحقق تطلّعاته ويُلزم قوى السلطة بالعمل بها بدل أن ينتظر تلك القوى تقدّم المشاريع والخطط التي يرفضها المتظاهرون لعدم المصداقية والجديّة[ 12 ].

وهذه الخطوة مهمة وتحتاج إلى شجاعة ووعي خاصة وأنه كانت هناك تظاهرات شعبية كبيرة ولكن لم تؤتِ ثمارها لعدم وجود قيادة لها فركب السياسيون موجتها وحازوا على المغانم ... وفي وقتها دعا المرجع اليعقوبي إلى ضرورة ايجاد قيادة وطنية واعية موحدة للمظاهرات ... لتوحيد المطالب ووضعها على طاولة المفاوضات باتجاه بلورة مشروع وطني اصلاحي واضح المعالم، ولضبط بوصلة حركة الجماهير وحماية المظاهرات من الانحراف واختراق المندسين وخاطفي الانجازات[ 13 ].

ولكن لم يستمع كثير من الشعب لنصيحته فانتهت التظاهرات بلا ثمرات للشعب العراقي إنما كانت الثمرات للسياسيين!

فإذا أراد المتظاهرون الانتصار فعليهم الاستماع الى أهل الحكمة والعقل فيما يقومون به من تصرفات او يطالبون به[ 14 ].

الهوامشــــــــــ

[ 1 ] التسجيل الكامل للكلمة على الرابط التالي: https://youtu.be/X9tr5w-CG7g

[ 2 ] كلمة سماحته في وفد من أهل الكوت والناصرية بتاريخ 2 كانون الاول 2004م.
[ 3 ] المصدر السابق.
[ 4 ] كلمة سماحته في وفد من أهل الكوت والناصرية بتاريخ 2 كانون الاول 2004م.
[ 5 ] أنظر: كلمة المرجع اليعقوبي التي ألقاها في وفد من أهالي الشعلة والفهود بتاريخ شباط 2005. (تسجيل فيديوي)
[ 6 ] كلمة المرجع اليعقوبي التي ألقاها في وفد الكلية التقنية الهندسية / بغداد آذار 2005م. (تسجيل فيديوي)
[ 7 ] خطاب المرحلة ج3 ص120.
[ 8 ] المصدر السابق ص366.
[ 9 ] أنظر: خطاب المرحلة ج3 ص112 وص 295 و ص469.
[ 10 ] خطاب المرحلة ج3 ص424.
[ 11 ] نشرة الصادقين العدد (197) الصادر بتاريخ 10 ربيع الأول 1441هـ الموافق 8 تشرين الثاني 2019.
[ 12 ] 24 تشرين الثاني 2019.
[ 13 ] خطاب المرحلة ج9 ص346.
[ 14 ] أنظر: نشرة الصادقين العدد (197)، مصدر سابق: التأكيد على سلمية التظاهرات وعقلنتها.





إرسال تعليق

0 تعليقات