صالح
هادي جلو مرعي
برغم قدرته على إصدار القرارت الشجاعة، والتصدي
للمواقف الصعبة، لكنه لم يتحول الى الصنف المغرور من البشر، بل تعود أن يفترض أن
هناك دائما من هو بحاجة، وأن هناك متسعا من القدرة لديه على تقديم شيء يخفف عن
أولئك المعذبين بسبب المرض، أو الدراسة، أو الذين تقطعت بهم السبل، وهم يحاولون
العيش بكرامة دون أن يضطروا ليكونوا إذلاء، فيسارع لتلبية متطلباتهم.
عندما
أراد أن يشتري علكة، ولم يكن معه ثمنها لأن والدته تمكنت بصعوبة من توفير أجرة
السيارة التي أقلته والتلاميذ الصغار في رحلة مدرسية الى نهر الوند في خانقين، لم
تتحول تلك اللحظة الى نكسة، بل بقيت في ذاكرته تتجاوز معه السنين، وقرر تحويل عقدة
النقص الى شوق الى الكمال، فيستفزه الفقر حين يراه في وجوه اليتامى، ويضطر أحيانا
أن يتوسل من أجل الآخرين، أو يحصل لهم على مايريدون دون أن يحملهم العناء، وبمرور
السنين لم يتحول الى رجل غني، لكنه يشعر إنه ليس بفقير، ويفكر إن الله أراد له ان
يكون في منتصف المسافة بين الغنى والفقر ليراقب الأغنياء الذين يملكون قدرا من
الطيبة، ويتحسس معاناة الفقراء فيكون وسيطا بينهما.
صديقه
صالح لم يتوقف عن الإستجابة لنداءاته التي يقسم أنه لن يكررها، ولكنه حين يجد
أولئك المعذبين لسبب ما يلجأ إليه، فيستفز روحه الطيبة، يرفض صالح أن يذكر إسمه،
أو عنوانه، أو نوع عمله أانه يبحث عن فرصة للتطهر الروحي، وأن يستخلص لوجدانه
وعقله حكمة البقاء على ذات الطريق الطويلة، طريق المعذبين المارين منه ليخفف عنهم،
وكأنه يضع على الطريق دواءا لأرواحهم، ومظلة تقيهم حرارة الشمس، وبعض الشراب
والطعام، ولاينسى أن يدس في جيوبهم بعض المال، ولاباس أن يكلمهم.
من
حين لآخر ليسليهم عن ضجرهم من عالمهم المرير.
احاول أن أرفع له القبع، فاتذكر إنني لاأضع قبعة
على رأسي، وأكتفي برفع يدي بالدعاء له بالتوفيق والسلامة.
0 تعليقات