آخر الأخبار

فن تجليد الكتب أيام زمان في كربلاء





فن تجليد الكتب أيام زمان في كربلاء


رسالة النيل

تجليد الكتب: هو تصحيف الكتاب ووضعه بين دفتي جلاد سميك يقيه من التلف ويحفظه من التمزق بشكل جميل يليق بأهمية الكتاب وفائدته .
والتصحيف من الحرف الفنية فالصحاف هو الفنان المجلد للكتب وله أدواته الفنية في ممارسة عمله مثل المخصف يستعمله لثقب ملازم الكتاب المراد تجليده يخيطه بالإبرة الغليظة والخيط الغليظ نوعما ، يشمع الخيط بشمع العسل ليسهل مرور الإبرة والخيط ويحتاج الصحاف الى المقص والشفرة ليقص بها المقوى والورق المعشر المستعمل في تجليد الكتب ويحتاج الى نوع من اللاصق يدعى (الشريس) يلصق به الورق أو الجلد على المقوى السميك ويستخدم صخرة أو طابوقة كبية من المرمر لا يتجاوز طولها أو عرضها الأربعين سنتمتر وسمكها لا يزيد على عشر سنتيمات ومكبس من الخشب يكبس به الكتاب بعد الفراغ من عملية التجليد ويصبح الكتاب مجلداً يمكن بقاؤه الى سنوات قادمة وقد يرثه الأبناء عن الآباء فالكتاب الجيد نعم ذخر المرئ لأولاده وأحفاده ، وقبل بدء عملية التجليد يفسخ الكتاب الى ملازمه المطبوعة وتصلح أوراقه التالفة ويرتب بصورة منظمة لتبدأ خياطته وتكون الخياطة نوعين : ـ
 أ ـ توضع جلدة وسط الظهر لتمسك بين الدفتين ويخاط الكتاب ملزمة ملزمة أي توضع كل ملزمة وتخاط حسب تسلسلها .

 ب ـ تقسم ملازم الكتاب الى أربعة أقسام يخاط كل قسمين معاً فتكون كراسة واحدة ويخاط مع الكراسة الأخرى المكونة من القسمين الآخرين حسب تسلسل الترقيم فيكون الكتاب واحداً ويطلق على هذه العملية التجليد الممتاز (التجليد الأفرنجي) .
 وهناك الطريقة البسيطة فيستعمل المخصف في ثقب جميع أوراق الكتاب وخياطته مرة واحدة وهو أبسط أنواع التجليد :
 والتجليد على أقسام أربع اصطلح الصحافون عليها من حيث جودة التجليد وجماله ومتانته .

 1 ـ التجليد الممتاز (الأفرنجي) تكون خياطة الكراسات بعناية تامة وبشكل جيد يكسى بنوع جيد من القماش المصنوع من الكتان الجيد ويغطى بجلد حيواني رقيق ولماع يطلق عليه (جلد كلاصي) وكان سعر التجليد من هذه النوعية فيما سبق 200 فلساً ، اما في الوقت الحاضر تضاعف المبلغ بعشر أمثاله .

 2 ـ التجليد العصري : يخاط الكتاب بشكل كراسات وتكون المقوى جيدة والكعب من جلد الحيوان أي توضع جلدة من الأعلى الى الأسفل على طول الكتاب لتمسك بالكراسات وتصفها موحدة كما هو الحال في التجليد الإفرنجي ويبطن الغلاف بالورق المعشر ولون الغلاف اسود او أحمر ويتراوح سعر التجليد من هذا النوع سابقاً من 120 ـ 150 فلساً .

 3 ـ التجليد المتوسط يوضع الكتاب بين دفتين من المقوى وبطانته من الورق الأبيض وكعبه من الكتان وسعر تجليد الكتاب من 80 ـ 100 فلساً .

 4 ـ التجليد العادي وهو أقل الأنواع وتجلد به الكتب المدرسية ويتم بالخصف والخياطة مرة واحدة لكل الكتاب لجمع ملازمه ويوضع بدل الكتان للكعب الخام الأسمر (الساحلي) وسعر التجليد من 25 فلساً هذا ما كان عليه قبل الخمسينات .

 بتطور الآلة وتقدم الصناعات تم اختراع آلات جديدة تستخدم في مهنة التجليد وهي آلات الكترونية بدل الآلات المحلية الصنع واليدوية في الاستخدام .

 وهناك عملية أخرى ترتبط بتجليد الكتب ومتعلقة بصيانة الكتاب وحفظه وجماله يطلق عليها (الشيرازه) يقصد بها خياطة الكتاب من الأعلى ومن الأسفل بالجلد والورق وتتم هذه العملية بعد تمام تجليد الكتاب وبهذه الشيرازة يبقى الكتاب محتفظاً بدفتيه ولا يطرأ عليه تفسيخ تتم حياكته بصورة متينة وتعطيه بنفس الوقت لوناً جاذباً والخيوط المستعملة في الشيرازه ملونة فتضفي جمالاً على الكتاب وعلى الخصوص اذا كان الكتاب مرموقاً مجلاً مثل القرآن المجيد والكتب الدينية والفكرية الراقية وبعض كتب الأدعية ، فتلك الكتب تستحق الشيرازة ، وكثرة الصحافين في البلدة يدل على رواج الكتب وكثرة تداولها والعناية بها وهذا دليل ثقافي لتلك البلدة ودليل معرفة مستوى العلم فيها ، وقد كان في كربلا صحافون يشغلون غرفاً داخل صحن الروضة الحسينية ببيع الكتب فيها فكان الصحاف يجلد الكتب ويبيعها أيضاً ، ولم يقتصر التجليد على الكتب وإنما كانت تجلد الرقي والأدعية والطلسمات التي يكتبها الملالي ، وفي أواخر الأربعينيات اخرجوا من داخل الصحن فالمكان لا يناسب البيع والشراء فيه فاستأجر الصحافون الحوانيت خارج الصحن وبعضهم غادر المدينة الى بغداد والمدن الأخرى .

ونذكر بعض الصحافين السابقين المشهورين بفن التصحيف : الشيخ محمد علي الكتبي وابنه عباس الكتبي ، الشيخ مهدي الرئيس ، السيد عبد المجيد الكتبي ، محمد منير ، محمد كاظم الصحاف ، الشيخ هادي الصحاف . الحاج مهدي محمد علي الصحاف وغيرهم .

_______
عن كتاب (كربلاء في الذاكرة) ص 419، المطبوع سنة 1988 م

إرسال تعليق

0 تعليقات