آخر الأخبار

التعليم




التعليم


خالد الأسود

في عهد الرئيس السادات (المؤمن) صدرت الأوامر لشباب الجماعة أن يلتحقوا بكليات التربية لاختراق التعليم الذي كان هدف الإخوان منذ ٥٢ .
سمحت دولة الرئيس المؤمن بهذا التوجه وربما رعته أيضا.

خطيئة مبارك الكبرى أنه ترك الإخوان يرتعون في تلك الوزارة، سيطروا على مهنة التعليم، وضعوا المناهج والمقررات الدراسية، وضعوا الامتحانات وسربوها، صنعوا طبقة من أساتذة الجامعة والنخب الثقافية بشهادات مختومة بختم دولة مبارك..

استسلم مبارك تماما للمزايدين على الدولة، تمسك بوهم مجانية التعليم، استمر التعليم المجاني ينحدر كل عام ويتراجع، تم توقيع اتفاق ضمني بين النظام والشعب بتوزيع شهادات جامعية على كل عيل يتولد ويبلغ سن الرشد، النجاح أوتوماتيكي، الامتحانات تحت شعار في مستوى الطالب المتوسط، بل تم وضع كتاب نماذج امتحانات تلتزم الوزارة بما ورد فيه من أسئلة نصا ولو خرج عنها واضع الامتحان يتم فضحه في زفة إعلامية ثم يخرج الوزير الدكتور يعلن أنه قد تم إلغاء السؤال وتوزيع درجاته.

عرفنا ظاهرة الغش الجماعي، الغش بالميكروفونات، سيطرة أولياء الأمور في الأقاليم على لجان النظام والمراقبة، أية محاولة جدية للإصلاح يتم وأدها تحت لافتة حتضيعوا مستقبل عيالنا.

تخرجت عشرات الدفعات من الجامعات المصرية فيها عشرات الملايين من الخريجين، استقبلهم سوق العمل، أعاد رأس المال تثمين وتقييم هؤلاء الخريجين من أصحاب المؤهلات العليا..

الفرز الحقيقي أعلن أن تلك الشهادات مزيفة مهما زينوها بالأختام، لم يقبلهم سوق العمل في مصر وفي الدول العربية كأصحاب شهادات جامعية..

أعاد السوق تدويرهم، لم يجدهم صالحين لغير مهن العمالة غير المدربة، تحولوا إلى قيمتهم الحقيقية، سواقين لسيارات الأجرة وعمال فنادق ومقاه..

في بدايات التسعينات فتح النظام المجال للتعليم الخاص بمصروفات، كانت إحدى اللحظات الفارقة في تكوين العقل الجمعي للمصريين كما سيتضح بعد قليل، اتجه له أبناء الطبقة المتوسطة فورا، قدمت تلك المدارس الخاصة تعليما مقبولا نسبيا: شهادة جامعية + إكس مدرسة لغات، تميُّز تلك المدارس ارتبط بنوعية التربية الحديثة المنفتحة، كان لخريجي تلك المدارس حظا أفضل نسبيا في سوق العمل..

لم يستمر تميُّز المدارس الخاصة طويلا، سريعا ما خضعت للمجتمع المتدروش، فكرة التربية المتصالحة مع الحداثة لا تلائم الطبقة الجديدة الوسطية التي تشبعت بأفكار الشعراوي وكشك والغزالي..

حتى المدارس العريقة تم مسخها بالتلفيق، ألبسها عمرو خالد باديهات الكارينا، وطرحة الصحوة، تم غزو المدارس العريقة بالماميز ..

مع نظام الخصخصة والاندماج في العولمة انكشفت عورة التعليم المصري تماما، حتى التعليم الخاص لم يعد قادرا على التميز وتأهيل خريجيه لسوق العمل..

حققنا معادلة معجزة وجمعنا النقيضين معا، مشكلة بطالة تسير بالتوازي مع أزمة عمالة، جيش من شباب الخريجين يحمل أعلى الشهادات الزائفة..

ظهر التعليم الأجنبي: الثانوية الإنجليزية والأمريكية والألمانية..

اعترف الجميع أن التعليم المصري يمنح شهادات بلاقيمة، منهج مترهل يستهدف نواتج غير مطلوبة،المنظومة كلها صارت غير منتمية للعصر..

هؤلاء الخريجون يظنون أنهم يحملون شهادات حقيقية، ينتظرون ثمار سنين التعليم التي أهدروها في المدارس والجامعة، يتلقون صفعة صادمة، أنتم بلا قيمة وغير مؤهلين..

في نفس الوقت كان التعليم الأزهري يتوغل في الأقاليم والمحافظات، يستقطب أبناء الأسر الفقيرة والطبقات الأدنى (غالبا)
قدم تعليما ماضويا مرتبطا بالتراث منفصلا عن العصر..

وصلنا للدرك الأسفل في سلم التعليم عن جدارة وتذيلنا قوائم الدول..

جاءت أحداث يناير لتكشف عن شباب غاضب متشبع بالمظلومية والسخط على الجميع، شباب مملوء بالإحباط والمرارة..

شباب منحناه شهادات عليا، فجرنا طموحاته بعد أن أهدرنا عمره في منظومة التعليم المجاني العقيم، شباب تلقى الصدمة بعد التخرج، لا يجد عملا بشهادته..

كشفت أحداث يناير أن تعليمنا خلق طبقات من الأغبياء الساذجين بشهادات جامعية..رأينا بأعيننا ماذا فعلت أيدينا، تحولنا لشعب متفسخ مشتت لا يملك رأيا عاما وطنيا موحدا..

أنواع متعددة من التعليم تفرزها مدارسنا، مدارس أميرية مجانية، مدارس حكومية تجريبية بمصروفات رمزية، مدارس خاصة لغات، مدارس خاصة جمعيات دينية، مدارس خاصة كنسية، مدارس دولية إنجليزية وكندية وأمريكية، مدارس أزهرية..

ما الذي يفعله د طارق شوقي

في البدء نصلح نظامنا التعليمي، نعيد صياغة أهدافنا، نربط نواتج التعلم بسوق العمل..

تصبح التربية أداة من أدوات الدولة لتحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية والثقافة، يصبح التعليم وسيلة لإعادة إنتاج المواطن المنتمي لبلده المتصل بعصره..

بدأت منظومة التعليم في المراحل الأربعة الأولى، بدأت التجربة المصرية من حيث وصل الآخرون المتابع الجيد للتعليم يعلم أن مصر تستلهم التجربتين الفنلندية واليابانية، عبقرية الاختيار جمعت بيت قمة ما وصلت إليه نظريات التعليم والتعلم، وبين ما نحتاجه من التجربة التربوية اليابانية..

مع انطلاق منظومة التعليم المصري الجديدة من مرحلة الكي جي والبناء على أسس سليمة لم يكن منطقيا أن نرمي بطوبة باقي الأجيال في باقي المراحل التعليمية (١٦ مليون طالب).

كان لابد من اختيار محطة دراسية يتم فيها ترميم المنظومة القديمة بقدر الإمكان، محطة يعاد فيها صياغة عقول أبنائنا ومهاراتهم بهدف تأهيلهم ما أمكن لسوق العمل..

وكانت محطة الترميم الصف الأول الثانوي..

نظام التقويم الذي يدفع الطالب للتعلم والبحث والتفكير بداية..

سرية الامتحانات أمن قومي، جماعة الإخوان المسيطرة على مفاصل الوزارة مصرة على تسريب الامتحانات، قواعد شعبية من الطلاب وأولياء أمورهم يدعمون التسريب والغش..

كارثة قومية عشناها سنوات تهدر كل قيم العدالة وتكافؤ الفرص، تنتهك هيبة الدولة، تدمر الضمير الشعبي ..

انحازت الوزارة للتفكير العلمي تحت قيادة الوزير الرائع طارق شوقي، تم بناء منظومة كاملة للامتحانات الإلكترونية، المعجزة في أن في عام واحد صنعنا منظومة بحجم عشر دول مجتمعة في مصر ..

رغم شراسة الهجوم المسعور المنظم على الإصلاح والتطوير مضت الدولة المصرية، أصبح النظام الجديد بشقيه واقعا لا خيالا أو محاولة.

أنتظر الخطوة التالية بعد الإصلاح..

ننتظر توحيد التعليم المصري توحيدا ينتج لنا شعبا موحدا منتميا لدولته الوطنية الحديثة ..

تحجيم أنواع التعليم المختلفة في مصر قضية أمن قومي لمصر .


إرسال تعليق

0 تعليقات