منظومتنا الأخلاقية بين الأخلاق الدينية
والأخلاق الإنسانية
خالد الأسود
شعوبنا هي الشعوب
الوحيدة التي لا تملك منظومة أخلاقية تحكمها، بسبب تيارات الصحوة الدينية المزعومة والفكر السلفي الرجعي نُصِر
على التمسك بكراكيبنا التراثية، نرفع رايات منظومة أخلاقية لا تخصنا، منظومة
صحراوية غير ملائمة لحيواتنا وعصرنا..
أخلاق الماضي غير قادرة
على ضبط حيواتنا، الأخلاق ترتبط بثقافة العصر، تلزم الأفراد بقيود حاكمة، قد
يضيقون بها ولكنها تمنحهم جميعا سبيلا للتعايش المشترك..
بلا قيود الحضارة
الأخلاقية نستطيع أن ننهب مانشاء من أموال ومقتنيات الغير، ولكن في نفس اللحظة
نكون نحن أيضا مباحين لاعتداء باقي أفراد الجماعة..
لهذا نرتضي قيود
الثقافة وضوابطها الأخلاقية، نتنازل عن جزء من حرياتنا مقابل الأمن والمصالح
المشتركة..
المنظومة الأخلاقية
عقد اجتماعي يتفق عليه أبناء الثقافة الواحدة بما يحقق لهم المصلحة، جاءت الأديان
بعد الأخلاق تؤكدها وتعلي من قيمها وتربطها بالثواب والعقاب الآخروي..
الطبيعي أن الأديان
أكدت على القيم الأخلاقية التي كانت موجودة بالفعل،منحتها أبعادا روحية وغيبية
تسمو بها وتقدسها..
لكن تظل الأخلاق
مرتبطة بالثقافة، الثقافة بمفهومها الاصطلاحي تشمل العادات والسلوكيات والأفكار
والمعارف وطرق الحياة، الثقافة بطبيعتها نامية متغيرة تخضع للتطور..
يحرص كل مجتمع على
تربية أبنائه على التحضر، يقاس التحضر بوعي المواطن بمصلحته وارتباط تلك المصلحة الفردية
بمصلحة المجتمع العامة، يصبح الالتزام الأخلاقي وعيا حضاريا له منفعة مباشرة للفرد..
كلما تطورت المجتمعات
أعادت صياغة منظومتها الأخلاقية، يرى الأفراد في تلك المنظومة منفعتهم ومصالحهم،
يزيد التزامهم بها، يقبلون التنازل عن أجزاء من حرياتهم راضين..
الكنيسة الكاثوليكية
التي اعتذرت عن موقفها من علماء عصر الرينيسانس وعت التطور الأخلاقي للمجتمع..
أزمتنا في الصحويين
عباد التراث والماضي، مازال رجل الدين مصرا على أخلاقية سبي النساء واغتصابهن
جنسيا،الأخلاق عنده مرتبطة بالدين، الدين في فهمه كله مطلق، يتعامل مع الأخلاق
كجزئيات وتفاصيل بصرف النظر عن نسبيتها، يرفض رجل الدين الصحوي والسلفي استبصار
النص والنظر فيه ككل متكامل له مقاصد كلية..
في ظل الصحوة تجلت
لنا الفجوة بين الأخلاق الإنسانية من ناحية وبين الأخلاق الدينية من ناحية أخرى..
في الأخلاق الدينية
تجارة الآثار مباحة، الإتجار بالبشر مباح، اغتصاب القاصرات حلال، المال العام
مباح، في الأخلاق الدينية تكفي قطعة قماش تجبر نساءك عليها بالترهيب والوعيد
أوالضرب والكي فتنال ختم الشرف..
في الأخلاق الدينية
لو تلاعبت بمشاعر امرأة وعشمتها بالزواج بعد أن تنال وطرك منها فأنت شريف، في
الأخلاق الدينية قد تستطيع أن تحلل لنفسك المخدرات، في الأخلاق الدينية تصبح
الكراهية فريضة، يصبح الإيمان بالعدل والمساواة والإنسانية تهمة، في الأخلاق
الدينية يفجر الأكثر تدينا بمشاعر الشماتة في الموت..
في الأخلاق الدينية
يصبح التلفيق والتدليس عملا مقدسا ينهض به الأطهار حمايةً للعقيدة..
مجتمعنا المخطوف
عقليا وروحيا استسلم للدجالين، صدق أن أخلاق الصحراء منذ ١٤٠٠ عام هي منتهى الكمال
الأخلاقي، صدق أن الأخلاق جمدت وثبتت..
في اعتقادي أن الدين
لم يأتنا بالأخلاق، الأخلاق موجودة قبل الدين وبعده، نحن مأمورون بالتزامها، بجهاد
أنفسنا ونوازعنا في التمرد عليها..
الدين يأمر بالأخلاق
ولكنه لا يصنعها..
الدين يحمي الأخلاق
من ضعفنا الإنساني والرغبة البدائية التي في داخلنا وتدفعنا للتمرد على قيود
الحضارة التي نسميها الأخلاق والقانون..
الأخلاق مثل القانون
كلاهما يتغير ويتطور ككائن حي ..
0 تعليقات