آخر الأخبار

لماذا يسعى اوردوخان لتمكين ميليشيات الإخوان من حكم ليبيا ..؟!





لماذا يسعى اوردوخان لتمكين ميليشيات الإخوان من حكم ليبيا ..؟!


هانى عزت بسيونى

.. المشهد اليوم في ليبيا هو أن هناك جيش وطني ليبي يسعى جاهداً لاستعادة هيبة ومكانة الدولة الليبية من جانب ، وفي جانبه الآخر هناك ميليشيات مسلحة إرهابية ومرتزقة مدعومة من عواصم دعم الإرهاب الدولي في الدوحة بنظامها وأنقرة بأُردوخانها ، والتي تعمل على دعم حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي سادت في ليبيا منذ تاريخ اندلاع ثورة فبراير في عام ٢٠١١ على نظام العقيد معمر القذافي حتى الآن ولحسابات خاصة .

 اوردوخان يسعى لإحياء مشروعه لتحقيق حلم إمبراطوريته في الوطن العربي بواسطة تمكين عناصر التطرف من حكم ليبيا بعد فشلهم في مصر والسودان ومحاولة إعادة أمجاد السلطنة العثمانية للسيطرة على العالم العربي باستخدام ميليشيات الإرهاب وإعادة احتلال ليبيا تحت ذريعة الحماية كأسلوب الاستعمار القديم بعد ان انسحبت منها منذ نحو ١٠٠ عام ويزيد وسلمتها للاستعمار الإيطالي بتوقيعها معاهدة اوشي لوزان ( "Ouchy" هي ضاحية بمدينة لوزان السويسرية وتم توقيع معاهدة الخروج في اكتوبر ١٩١٢ وبموجبها انسحبت الدولة العثمانية من ليبيا وتركت الليبيين وحدهم وجها لوجه أمام الاستعمار الإيطالي ) !!.

ويرى اوردوخان ان سيطرته على الثروة الليبية سوف تمكنه من أن يتحكم بالإقليم الجغرافي المحيط بها ، بل ويمدّد عضلاته إلى دول الجوار في البحر الأبيض المتوسط ودول القارة الأوروبية في إطار تحقيق حلمه !

اوردوخان هو زعيم الإرهاب لمن لايعرفه أو لمن يتعاطف معه ، وهو إرهابي محترف في موقع سياسي بارز لدولة لها تاريخ استعماري مملوء بتفاصيل مخزية يتخللها مذابح الأرمن والعدوان ثم الاستسلام والهروب عند أول مفترق ، الدولة التي أساءت للمسلمين وللتاريخ الإسلامي منذ نشأتها إلى الآن ، اوردوخان الذي يتبنى مبدأ التقية رغم زعمه انه سني حيث يستسيغ اللعب على التناقضات كما هو الآن في المنطقة العربية فيما بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ، يحاول إبرام صفقات البيع والشراء في ليبيا لهدف واضح عماده الحفاظ على مشروعه المشترك مع جماعات الإرهاب التي يتزعمها تحت عباءة الإسلام السياسي الذي يخدع به مناصريه ، والتي تمثّل واجهتها المعلنة على سبيل المثال  "حكومة الوفاق الوطني الليبي" في ليبيا كأحد أهم وسائل الخداع للشعوب بالإضافة إلى شقيقاتها الأخرى وأهمها جماعة الإخوان الإرهابية ، فرغم ترويج نظامه أن الاتفاقية التي تم توقيعها مع حكومة الوفاق بزعامة فايز السراج ستؤثر على التوازنات الإقليمية والدولية في ظل السباق المحموم لتوزيع الثروات للسيطرة على مصادر الطاقة في شرق المتوسط لصالح دول المنطقة إلا أنها تخفي خطة خداع "تركية /قطرية/ إخوانية" لإيجاد مبررات التدخل العسكري في ليبيا لحماية حكم الميليشيات الإرهابية وتحقيق مصالحه الشخصية ، فأنقرة تتحرك على أكثر من صعيد من أجل إرسال قواتها لنصرة تلك الميليشيات ، وهناك تقارير دولية تشير إلى أن شركات قطرية وتركية تعمل على سرقة النفط الليبي بمساعدة تلك الميليشيات والتي تدعم تحركاتها ونفوذها عن طريق التهريب دون حسيب ولارقيب من حكومة السراج الضعيفة في طرابلس والتي استجارت بالسلطان العثمانلي ليحميها من الجيش الوطني الليبي في مقابل تمكينها من حكم ليبيا وتناست تاريخ تركيا وما فعلته في الشعب الليبي !.

لقد صاحب المشهد في ليبيا بعد اندلاع ثورة فبراير في عام ٢٠١١ مخاوف في الدول الغربية من أصحاب اللحى الذين يقاتلون إلى جانب الفوضى ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي وبتمويل مباشر من النظام القطري الإرهابي ، بل وعملت الدوحة عبر ذراعها الإعلامي "قناة الجزيرة" على التقليل من مخاطر هؤلاء على مشروع التغيير في ليبيا ، ولان ليبيا لم تكن سوى قاعدة أساسية وجد فيها الإرهابيون ملجأ بعد الضربات المتتالية التي تلقوها في أكثر من مكان بعد هزيمة مشروعهم في مصر عام ٢٠١٣ ، ثم تحييد غزة التي يحكمها منظمة حماس من خلال التهدئة مع إسرائيل ، وكذا خسارتهم المريرة في السودان بسقوط نظام عمر البشير ، وأيضا تراجع دورهم في سوريا ، أصبحت ليبيا هي الأرض الخصبة لتحقيق أهدافهم وأحلام السلطان ، حيث إلتقت الأهداف والأحلام وتحالفت بتمويل النظام القطري وبمساعدة السراج وأمثاله لتُحاكي مشهد التدخل التركي في سورية فواقعياً لايخلو التدخل التركي في ليبيا من دوافع أيديولوجية بحتة فالأمر يشبه إلى حد بعيد ما جرى في الشمال السوري ويجري حالياً في إدلب تحديداً حيث يعمل أردوخان والمعروف بتقلباته السياسية ومزاجيته المتهورة على استغلال حالة التشتت الحالية في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية وابتعادها عن المنطقة من أجل إعادة الروح لمشروعه الذي أثبت فشله في المنطقة بعد تجربة ما يعرف بـ”ثورات الربيع العربي” التي أنهكت الدول العربية بالحروب والفوضى الخلاقة كما أطلق عليها الأمريكان لتدفع ببعض الأنظمة السياسية المنهكة للاستقواء بالخارج.

والآن ، وبعد تلك السنوات عرف العالم حقيقة أولئك المقاتلين ولحساب من يعملون ، فقد كان الهدف المعلن للقوى الأجنبية هو حماية الشعب الليبي من بطش نظام القذافي الديكتاتوري المتسلط لكن ما اكتشفه الشعب الليبي والعالم كله بعد ذلك ان هناك شركات أجنبية تسابقت على الاستحواذ بنصيبها من النفط الليبي بأثمان بخسة ، فتركيا وقطر اللتان استعانتا بعد فتوى إرهابية - لمفتي الإخوان يوسف القرضاوي - بحلف الناتو للتسريع في إسقاط نظام القذافي كانتا أكثر دولتين حرصتا على تنفيذ المخطط حيث قايضتا دولاً غربية بعد نجاحهما في إسقاط نظام القذافي ، بنفط ليبيا مقابل تثبيت حكم الميليشيات المسلحة البديلة في صورة مخطط متكامل عملت عليه الدوحة وأنقرة معاً لغايات أيديولوجية وحسابات سياسية لها علاقة بتثبيت حكم الميليشيات الإرهابية ، وبعد نحو ثماني سنوات من حكم تلك الميليشيات في ليبيا وجد قادتها أنهم يخسرون معقلاً مهمّا مع تقدم الجيش الوطني الليبي لإنهاء سطوة الميليشيات وإعادة بناء الدولة وفق مقاييس مدنية بعيدة عن حسابات أنقرة والدوحة مما أجبر السلطان العثمانلي على البحث عن أيّ وسيلة كانت لتمنع سقوط طرابلس بأيدي الجيش الوطني الليبي وبالتالي أحلامه الطامعة في ليبيا فبدأ يتحرك على أكثر من جبهة في سبيل غايته وهي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من معاقل تيار الإرهاب السياسي ( الإخوان ) والذي خسر الكثير في البلدان العربية كما سبق الإشارة كونه يدرك جيدا أن خسارة الحركات والفصائل والأذرع المختلفة للأرض تمثل انتكاسة حتمية لمشروع الخلافة وحلم الإمبراطورية العثمانية التي يخطط لإعادة تأسيسها وفقا لرؤية إخوانية خالصة واستمر يقدم لهم المساعدة بل ويعرض خدماته لإرسال مرتزقته للدفاع عن آخر المعاقل الإرهابية كما يحدث ونراه الآن في ليبيا ، فما يهم اوردوخان هو إنقاذ حكم الميليشيات من السقوط ، لكنه بدأ بتوريط الجيش التركي هو الآخر في صراع خارجي بعد هزيمة أولائك المرتزقة مع معرفته جيداً أنه لن يستطيع تطبيق اتفاقياته مع حكومة السراج والخاصة بالحدود البحرية لانه سيفتح طريق مواجهة وصراع لن يتحمله مع دول مثل مصر واليونان وقبرص وروسيا والولايات المتحدة على تقسيم حقول الغاز بالبحر الأبيض المتوسط ...

لذا أصبح من الضرورة على البرلمان الليبي أن يعمل جاهداً خلال الفترة القادمة في اتجاه سحب الاعتراف الدولي من حكومة السراج العميلة لاوردوخان وهي احد أهم الأوراق الدولية التي يجب أن يتم استخدامها لحقن دماء الشعب الليبي وتقسيم دولته وتذكيره بما فعله الأتراك بمعاهدة Ouchy لوزان وليتم ذلك برسائل إلى الاتحاد الأوروبي ودول العالم المؤثرة لسحب الاعتراف بهذه الحكومة والتي حان الوقت لرحيلها حيث فشلت فشلاً ذريعاً بعد أربع سنوات من فرضها على الشعب الليبي في توفير الاستقرار بالدولة الليبية وقد حان الوقت لإعادة النظر وتشكيل حكومة يؤيدها الشعب والبرلمان الليبيان لإعادة الاستقرار لليبيا ولعدم توريطها في نزاعات وحروب قد تؤدي إلى تقسيمها واحتلالها مثل غيرها من الدول بالمنطقة ، وأعتقد ان الصورة بدأت تتضح أكثر لدول الاتحاد الأوروبي خاصة بعد توقيع الاتفاق البحري بين العميل الليبي السراج و اوردوخان والتي وقعها السراج بإعتبارها "مذكرة تفاهم" وليس "اتفاقية" ليُجنبها المرور على البرلمان الليبي للتصديق عليها وفقاً للدستور 

أليس في ذلك تدليس على الشعب الليبي وحقوقه فلمصلحة منّ يتم ذلك !!؟ .

لذا يجب ان يدرك البرلمان الليبي أن تصرفات هذه الحكومة بالتعاون مع اوردوخان في ليبيا لن تكون في صالح ليبيا الغارقة في الفوضى ، وإنما في صالح أعداء الشعب الليبي فهناك ميليشيات مسلحة متطرفة يمكنها أن تفعل ما يمكن من أجل البقاء في السلطة والتحكم في الثروات الليبية وهناك أيضا أردوخان الباحث عن حلم الإمبراطورية ولحلول لأزماته الداخلية على حساب شعوب المنطقة بفتح جبهات خارجية ليشعل الصراعات بنيران الحروب التي لو أشتعلت بسبب هذا المعتوه سيكون من الصعب على أي طرف إطفاؤها …!

إرسال تعليق

0 تعليقات