تعمر البلدان بحب الأوطان
رسالة النيل
فى المهرجان السنوى الذى أقيم فى مكتب سماحة
المرجع اليعقوبى ببابل يوم 4 /1/2020 القى سماحة الشيخ عبد الهادي الزيدي في
المهرجان بعنوان ( تعمر البلدان بحب الأوطان ) وتحدث عن عدة محاور :
(( بسم الله الرحمن
الرحيم))
المحور الأول : ان من اهم الموضوعات التي لا بد من مناقشتها
هو عنوان هذا المهرجان، لوجود ازمة حقيقية يعيشها العراق والبلدان العربية، وللاسف
فان الشعور بالتبعية او عدم احترام الارث الحضاري للبلد كلف هذا البلد الكثير من
الدماء والاموال والوقت .
المحور الثاني : ان المصاعب والملمات التي يمر بها المجتمع
العربي عموما والعراقي خصوصا سببها الرئيس الخطط الشيطانية التي اعدت للمنطقة
الاسلامية والعربية لكي تفتت وحدتها ونسيجها الاجتماعي وتحويلها الى دويلات صغيرة
يسهل السيطرة عليها، وهناك اساليب وطرق عدة، منها السيطرة العسكرية والهيمنة
الاقتصادية واشعال نار الطائفية.. قد يعلم الجميع هذه الاساليب باتت مألوفة، ولا
يستغرب منهم هذا التوجه لوضوح نبرة الاستعلاء وحب التسلط، لكن الذي يستغرب منه هو
قبول البعض والرضوخ لهذه الاغراض ويكونون اداة لتنفيذ هذه المشاريع.
المحور الثالث : ان من اهم الادوار الملقاة على عاتق القيادة
الدينية هو تشخيص العدو الحقيقي والوقوف بوجهه بايجاد المشاريع واستنهاض الهمم في
الامة لصد كل ما من شأنه ان يضعف هذه الامة العريقة، وكما ورد في الروايات ان
القيادة الدينية هي الدرع او الحصن الذي يمنع الهجمات من الخارج، ولا يكتفي بهذا
الدور اي انه يترك الامة من الداخل بل كما يحميها من الخارج لا بد ان يحميها من
نفسها كما عبر سماحة المرجع اليعقوبي فان الذي يحمي الامة من الداخل هو الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك الا بالتشخيص الصحيح لما ينفع الامة وما
يضرها.
وان تكون مواقف
القيادة الدينية مواقف قوية ليس ضعيفة منهزمة وان تتحرك بخطوات جدية وعملية لتغيير
الواقع المرير الذي تعيشه الشعوب، و من المفروض ان تلتفت ـــ القيادة ــ لعناصر
القوة التي تمتلكها لتضغط بها على من يقف وراء كل هذا التدهور الجاري.
من اهم الخطوات التي
يجب التركيز عليها وبذلك يسد بابا واسعا هو ترسيخ روح الوطنية لدى المجتمع الذي
بدوره سيفرز قياداته التي تكون من سنخه، وهذا هو مفهوم كيف كنتم يولى عليكم.
وقد شخص لنا الشيخ
المرجع اليعقوبي (دام ظله) هذا المعنى منذ بداية دخول الاحتلال الا ان المجتمع لم
يلتفت الى حجم الخسائر و ما هي الاثار السلبية التي ستترتب على الابتعاد عن الوطنية
وتقديم مصلحة البلد على الانتماء المذهبي والحزبي. فقد قال في بداية الامر:
(إن همنا الكبير هو
ضمان مستقبل العراق وسعادة شعبه وتوفير مستلزمات الحياة الكريمة لجميع المواطنين
بما فيهم غير المسلمين.
ورغم إيماننا العميق
بأن ذلك لا يكون إلا بالإسلام إلا أننا نرى أن الطريقة المثلى اليوم هي ترك الأمة
حرة تختار ما تشاء ومن تشاء فتكون الأمة هي الحاكمة وهي المراقبة وآليات ذلك. هو
الاستفتاء والانتخاب فلا سلطة سياسية إلا برضا الأمة الناشئ من هاتين الآليتين.
وعلى هذا تعلن
المرجعية الرشيدة الصالحة وقوفها خلف الأمة مدافعة عن حقوقها داعية كل قواها
الوطنية الخيرة من أحزاب عاملة وجمعيات فاعلة وشخصيات تشاركنا همّنا هذا إلى توحيد
الجهود وصهر الطاقات لتشكل درعاً يدفع عن أمتنا الأخطار ويحقق الطموحات).
وقد اكد هذا المعنى
في وثيقة مكة ..
(وإذا كان عندكم مانع
من الحوار مع البعض لسبب أو لآخر فأنا بخدمتكم وقلبي وعقلي مفتوح لكم ولا يوجد
عندي ما يوجب صدودكم، فأنا مسلم اشهد أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم)، وأنا عربي أصيل يرجع نسبي إلى قبيلة الأوس الأنصارية التي
آوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونصرته، وأنا عراقي ولدت أنا وآبائي
وأجدادي في النجف الأشرف وعشت محنة شعبي في كل مراحلها ولم أغادر بلدي، وليس لأحد
في الشرق ولا في الغرب تأثير علي ولا سلطان علي إلا الله تبارك وتعالى ولا اتبع
إلا الحق ، ومواقفي الوطنية مشهودة وآخرها الوقوف بحزم ضد كل مشاريع تفتيت العراق
وتجزئته تحت مختلف المسمّيات، ويمكن التواصل معي مباشرة أو عبر الهاتف أو من خلال
قنوات موثوقة وسأكون خير عون بلطف الله تبارك وتعالى لإحقاق الحق وإزهاق الباطل).
وتمم عليه في الاحداث
التي جرت في ريف دمشق عندما نبش قبر الصحابي حجر بن عدي، ببيان المشاريع الشيطانية
التي اعدت للمنطقة الاسلامية والعربية. واكد فيه على تفعيل روح المواطنة.
واخرها ما جاء في
خطابه للشعب المصري لانتصاره في ثورته الاخيرة حيث قال:
(فليستفيدوا من اهل
الخبرة من الوطنيين المخلصين في كل المجالات ليضعوا لهم برنامج يؤسس لدولة متحضرة
تحترم فيها ارادة الانسان وكرامته وتوفر له اسباب الحياة السعيدة التي يستحقها شعب
مصر العريق الطيب المنجب).
وبعد ان اتضحت
المعالم للمشروع الشيطاني لا بد على الامة ان تؤدي ما عليها لان القيادة الدينية
الواعية اذا بقت وحيدة فان المشروع يبقى قائما، ولم تقوم لهذا البلد قائمة. فالان
الكرة في ساحة الامة علليها ان تطبق ما هو واجب عليها.
مع ما تقدم نقول ان
هناك شيئا مهما اسهم وبشكل رئيس في قتل روح المواطنة في شخصية الفرد العراقي، منها:
اولا: عقائدي وهو
التحريف والتزييف التاريخي الذي مارسه بعض الكتاب عن سوء علاقة العراقيين باهل
البيت وان مواقفهم كانت دوما سلبية، وان الائمة دعوا عليهم بتسليط الظلمة وان
يكونوا طرائق قددا ولا يرضى الولاة عنهم ابدا...
ثانيا: الجانب الفكري
وتبعا للاول فان الثاني ياتي بتاثير رئيسي بناء على ما ثبت تاريخيا فان كل موقف
يتخذ يحكم عليه سلبا لوجود المسبقات الذهنية..
ثالثا: فشل بعض
الساسة في ادارة شؤون الامة لانشغالهم بالانانيات الضيقة والفساد الذي استشرى بشكل
كبير، مما جعلهم يتكؤون ويعتمدون على المد اللوجستي والمعنوي من الدول الاخرى،
وبطبيعة الحال فانها لا توفر هذه الخدمات مجانا، ومن المؤكد بانها ستكون على حساب
الانتماء الى هذا الوطن ومكوناته. وقد ادى الى قتل روح المواطنة لدى الفرد العراقي
لانه يرى بام عينه لا يوجد حرص على هذا البلد...
فعلى رجال الدين دور
مهم وحساس.. وعلى المثقفين دور لا يقل اهمية... وعلى اساتذة الجامعات دور في ترسيخ
هذه الامور لدى طلبتهم ومن يؤثرون بهم ..وعلى العشائر العزيزة دور في تعزيز الاخوة
والتلائم في عشائرهم ... والحمد لله رب العالمين )
0 تعليقات