آخر الأخبار

الاستقلال والاستقلال التام









الاستقلال والاستقلال التام


محمود جابر

خير فعل الذين يدعون لإخراج الولايات المتحدة الأمريكية من العراق، خيرا ان يهب البرلمان والقوى السياسية لاستقلال القرار العراقى، لكن هل ما يطرحه هؤلاء الافاضل استقلال أم استقلال تام ؟!!

منذ اسقاط النظام السابق فى 2003 جاءت الولايات المتحدة الامركية ليست كقوى تحرير للعراق من نظام غاشم، ولكن الولايات المتحدة الامريكية جاءت الى العراق بطلب خليجى فى المقام الاول خوفا من صدام حسين، وادعاء بان العراق يمتلك اسلحة دمار شامل، وهذه الاسلحة تهدد المنطقة والجيران، ورغم عدم ثبوت هذا الفرية الا أن الولايات المتحدة الامريكية التى جاءت بطلب من الخليج واتفاق مع من سموا انفسهم معارضو الخارج الذين جاءوا الى بغداد فوق الدبابات الامريكية فهدوموا العراق ومؤسساته وسلموا مفاتيح العراق بترولا وآثارا وامنا وجيشا وعملية سياسية للممثل الامريكى بول بريمر ... الذى اضطلع ببناء عملية سياسية قائمة على المحاصصة السياسية وتقسيم العراق الى اجناس وعرقيات ومذاهب من اجل الحيلولة دون قيام دولة عراقية واحدة وقوية ولكن هذه العملية السياسية غرست شجرة الطائفية السياسية والطائفية الاجتماعية وجعلت العراق وطنا مستباحا.

الخليج الذى دفع صدام حسين للدخول فى حرب من جيرانه الايرانيين، ثم ارتهنوا العراق، ولم يعجبهم وقف الحرب بعد ثمانية اعوام دفع العراق كلفة بالغة الثمن من دماء ابنائه فى حرب الجوار والرحم والدين، فلما افاق العراق على هول الكارثة، بدأ الخليج يبتز العراق من اجل تجديد الحرب.

الحاصل ان العراق كان ضحية قيادة رعناء، وضحية دول الجوار، وضحية خطة جهنيمة صهيونية، وضعته فى قلب لوحة التنشين الصهيوامريكية، ولكن الايرانيين لم يفوتوا الفرصة، وهو جعل العراق بلد ضعيف وهو نفس الهدف الامريكى والخليجى والتركى فكان العراق ضحية بين فرقاء اتفقوا على هدف واحد ...

النخبة السياسية  ( معارضو الخارج) لا يمكن وصفهم بأنهم أقل من عملاء وهذا العميل، لا مانع لديه ان يكون عميلا لاى أحد ما دام يدفع لهم ويسهل لهم سرقاتهم واستيلائهم على قرار البلد المظلوم، فكان الايرانى اسرع من استغل حاجة العراق فتوغل فى مؤسساته السيادية والسياسية والامنية والدينية والعرقية، فالعلاقات الايرانية الكردية تحتل مرتبة متميزة جدا .

بل هى علاقة وفاق ووئام منذ الحرب العراقية الايرانية وكان ايران احد اكبر الداعمين لكلا الحزبين الكبيرين البارزانى والطالبانى من وقتها وحتى الآن، مع الاخذ فى الاعتبار ان كلا الحزبين هم حركات انفصالية قومية لا تهتم بسيادة العراق ولا تعترف بها كدولة!!

وبالتالى فإن دعهمهم يصب فى خانة اضعاف العراق، والعلاقات والتعاون الايرانى لم يتوقف عند الكرد فقط بل ان كثير من الحركات والشخصيات السياسية السنية كحركة الاخوان المسلمين ايضا ترتبط بعلاقات متميزة وتعاون من ايران .

والحديث عن الولايات المتحدة الامريكية وايران لا يعنى ان رقعة العمالة فى العراق تتوقف عند هاتين الدولتين بل ان هناك حركات متعددة وشخصيات تدعمها تركيا، فضلا عن دور قطر والسعودية داخل العملية السياسية العراقية ....

الحاصل ان خروج طرف فى المعادلة السياسية العراقية هو بالاساس يدين بالولاء لاحد هؤلاء اللاعبين فى العراق مطالبا بالاستقلال عن الولايات المتحدة الامريكية هى دعوة نقل السياسة والسيطرة فى العراق من سيد الى سيد آخر، الاستقلال فى العراق يتطلب ايها السادق ان يكون العراق سيدا عزيزا يبنى قراره السياسى والسيادى والامنى بدافع من مصالحه وامنه واقتصاده وحاجة الشعب العراقى ذاته، وفقط، ولن يتاتى هذا المطلب بخروج القوات الامريكية من العراق او بالغاء الاتفاقيات الامنية وفقط ....

بل ان الاستقلال التام فى العراق يعنى نسف هذا الدستور المعيب وبناء دستور يقوم على مفهوم الشراكة الوطنية وليس مفهوم المغالبة الوطنية، وحتى يتأسس ذلك لابد من اسقاط هذا الدستور وبناء جمعية تشريعية من القامات العراقية الدستورية وما اكثرهم، ثم يؤسس بعد ذلك حياة سياسية واحزاب جديدة ونظيفة لا يكون فيها مسمى شيعى او سنى او كردى او كذا بل احزاب وطنية عراقية وان يسن قانون سياسية يحرم كل من خان وسرق وتآمر على العراق من ممارسة اى حقوق سياسية ، دون المساس بباقى حقوقه كمواطن عراقى ...

فهذا هو الفرق بين الاستقلال والاستقلال التام .........

إرسال تعليق

0 تعليقات