المدارس الدينية
القديمة في جبل عامل
حسن زين الدين
كان جبل عامل يشتهر كأحد حواضر العلم في المنطقة عامة، وكانت مدارسه
الدينية من أشهر المدارس وأهمها، حيث تخرّج منها عدد كبير من علماء الدين الذين
فاقت شهرتهم العلمية حدود المنطقة وساهموا في تنشيط الحركة الفكرية والثقافية
والأدبية.
وفيما يلي أهم المدارس الدينية الأولى في جبل عامل:
- مدرسة جزين: أسّسها محمد بن مكي الجزيني المولود عام 734 للهجرة (المعروف
بالشهيد الأول) عام 1334 م
(734ه) بعد قدومه من النجف الأشرف إثر غارات التتار ونكبة بغداد[١]، وقد جمعت
عددًا كبيرًا من العلماء والمفكِّرين وطلابًا يقصدونها من أكثر من مكان. وقد
أُغلقت المدرسة عام 1757 م
(1171ه) بسبب النِّزاعات بين سكان جزين والقبائل الدرزية المجاورة لها[٢] والتي
انتهت بخروج الشيعة من جزين.
- مدرسة ميس الجبل: أسسها علي بن عبد العالي (المعروف بالمحقق الميسي) بعد
تضعضع الأوضاع في جزين وجوارها في القرنين التاسع والعاشر والذي ساهم في انتقال
مركز الثقل العلمي من الناحية الشمالية لجبل عامل، وتخرّج من مدرسته الشهيد الثاني
وحوالي 400 طالب[٣].
- مدرسة شقراء: أسّسها السيّد أبو الحسن موسى الحسيني أواخر القرن
الثاني عشر الهجري، وكان فيها ما يزيد على 40 حجرة يحضر فيها نحو 400 طالب؛ يقال
أنّ أصوات مباحثتهم ليلًا كانت تُسمع في قرية مجدلسلم المجاورة. ويظهر أنها وغيرها
في جبل عامل استفادت من حالة الهدوء والاستقرار التي سادت المنطقة بعد نهاية
الجزار الذي أقلق جبل عامل طيلة فترة وجوده، وقضى على كل حركة علمية فيها وأحرق كل
الآثار التي تركها العلماء.
- مدرسة جويا: أسّسها الشيخ محمد علي خاتون في الثلث الأخير من القرن
الثالث عشر الهجري، وكان والده الشيخ محمد من أشهر علماء جبل عامل وقد قتله
الجزار، وكانت مقصدًا لطلاب العلم من الهند وإيران للحصول على إجازة منها.
- مدرسة الكوثرية: أسّسها الشيخ حسن القبيسي العاملي الكوثراتي عام 1860 م بناءً على رغبة علماء
النجف، وقد تخرّج منها جماعة كانوا من المراجع في الفُتيا.
- مدرسة جُبع: كانت جُبع وجزين ومشغرى مجمع علماء جبل عامل وطلابها[٤]،
وقد بدأت منذ القرن التاسع الهجري مدّها العلمي بتقديمها الكبار من الرجالات
والأعيان كالشهيد الثاني الشيخ زين الدين (صاحب الروضة البهية) وولده الشيخ حسن (صاحب
المعالم) وسبطه السيد محمد (صاحب المدارك) وأحفاده حتى تعاقب في ذرّيته اثنا عشر
عالمًا سمّوا ب "سلسلة الذهب"[٥]. نشطت بسبب ما حدث لمدرسة جزين وكانت
تضمّ عددًا كبيرًا من الطلّاب وخرّجب علماء كبار.
_____________
[١] يوسف خطار أبو شقرا. الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية. بيروت:مطبعة
الاتحاد. 1952. ص151
[٢]السيد محسن الأمين. أعيان الشيعة. الجزء الأول. القسم الثاني. 1960م. ص107
[٣] مجلة العرفان. م27. 1937م. ص463
[٤] السيد محسن الأمين. مرجع سابق. ص287
[٥]المرجع الأخير. ص630
0 تعليقات