فن الشارع
هادي جلو مرعي
الموسيقى والغناء، وإلقاء القصائد والعروض المسرحية والرسوم على الجدران
والبنايات والأنفاق وسيلة للتعبير عن الرفض للسائد، ولكنها لاتعني التعويض عن عدم
القدرة على توفير المال لاستئجار إستوديوها ومسارح وصالات، بل هو نوع من التحول من
سلوك تقليدي الى إبتكار اساليب ضغط وتوصيل وتعريف وتثقيف وتنوير وكانت هذه الظاهرة
( فن الشارع) قديمة ومتجذرة في بلدان عدة في قارات العالم الخمس، حيث يتبارى
المبدعون في عزف المقطوعات الموسيقية، أو أداء حركات بهلوانية، أو إقامة عرض
مسرحي، أو معرض للرسم، او اتخاذ الجدران والمباني لوحات تتشكل بإبداعات فنانين
كبار، ومبتدئين يحاولون التعريف بمنجزهم وبرغبتهم.
في العراق لم يكن أحد ليتصور أن تخرج التظاهرات عن طابعها التقليدي المتمثل
بتجمعات هادئة، أو عنيفة مطالبة بالتغيير، ومحاسبة المفسدين، وتشكيل حكومة تلبي
رغبات، ومطامح المواطنين الى نوع من الممارسة الفنية التي تسمح لفئات إجتماعية
متعددة تمتلك الموهبة، والى جانبها الإحتراف في شؤون إبداعية مختلفة.
الفن بوصفه تعبيرا عن المعاناة، والفن بوصفه تعبيرا عن الخلجات والمشاعر،
لايختلف عن بعضه طالما إنه يمثل وسيلة لنشر المعرفة، أو الاحتجاج، أو المطالبة
بتحسين الأوضاع المعيشية، ولانختلف كثيرا في توصيف الفن كأداة للتغيير، وصناعة
الحياة برغم الإختلاف بين المدارس الفنية التي منها مدرسة الفن للفن، والفن
للتغيير والتحول الإيجابي في مجال العيش والمشاركة.
ما أجمل أن يكون الفن بمختلف أشكاله هو المعبر عن الرغبات والمطامح، مبتكرا
لأساليب التغيير، وبناء المجتمعات المتحررة من الدكتاتوريات التي تأخذ أشكالا
مختلفة، وتقيد حركة الإنسان، وتضعف قدرته على العمل والتطور والنهوض بنفسه، وتحقيق
غاياته المشروعة.
0 تعليقات