آخر الأخبار

الأحباش وسد النهضة والوسيط غير النزية









الأحباش وسد النهضة والوسيط غير النزية




مجدى شعبان

موقف الأحباش من مفاوضات السد ليس بمفاجأة للمتابع لمسار التطورات.

واشنطن سلمت الأطراف الثلاثة مسودة الاتفاق منذ أسبوع و أعطت مهلة لكي يعودوا بالرد مع الطلب من مصر والسودان وأثيوبيا بتقديم تنازلات ..

أعلن ثعلب الأحباش عدم المشاركة في مفاوضات واشنطن ..

أبلغ بذلك مصر والسودان وقبلهم بالتنسيق مع بومبيو اللعين ..

أتذكر تصريح لبومبيو منذ أسبوع أن المفاوضات قد تستغرق شهوراً في الوقت الذي تمت فيه إطلاق تصريحات بالتوقيع نهاية هذا الشهر ..

آبي أحمد يريد التوقيع بعد الانتخابات في مايو ..وسيتملص ,لأن كل تأخير سيكون في مصلحة الانتهاء من السد..

مصر لا تفاوض الأحباش ..القرار ليس قرارهم ..!

لم تكن القاهرة على استعداد للتنازل عن حصة سنوية تقل عن 40 مليار متر مكعب سنويًا، ضغطت إثيوبيا من أجل تقليص الحصة إلى 31 مليار متر مكعب.

ضغطت واشنطن لموافقة الأطراف على حصة سنوية قدرها 37 مليار متر مكعب.

اقترحت مصر مبدأ «سدود عادلة» والذي من شأنه أن يربط العمليات ومستويات المياه في كل من السد العالي في أسوان وسد النهضة بحسب الإطار الذي اقترحته مصر فإذا بلغت بحيرة ناصر 70% من سعتها، على سبيل المثال، فإن معدل سعة سد النهضة ستصل إلى 70% كذلك.

رفضت إثيوبيا ربط عمليات السدين، قائلة إنها ستوافق فقط على حصة سنوية محددة من المياه من النيل الأزرق. وردت مصر بأنها تحتاج إلى تأمين اتفاق بشأن مستوى المياه في بحيرة ناصر الذي يسمح للسد بتوليد الكهرباء- والذي حددته مصر عند ارتفاع 165 مترًا فوق مستوى سطح البحر. بينما ترغب إثيوبيا من جهتها في ضبط مستوى الإغلاق عند 156 مترًا...!


مصر تريد أيضًا تأمين آلية لمراقبة تدفق المياه .. إحدى هذه الآليات هي تبادل البيانات التي تسمح لمصر بمراقبة كمية الكهرباء التي ينتجها سد النهضة وبالتالي حساب تدفق المياه. لكن إثيوبيا رفضت هذا الاقتراح بوصفه انتهاكًا لسيادتها....

مع انخفاض تدفق المياه من النيل الأزرق إلى 37 مليار متر مكعب ينخفض نصيب مصر والسودان إلى حوالي 74 مليار متر مكعب.

ومع خصم التدفق في البحر، ينخفض نصيب كل من مصر والسودان معًا إلى حوالي 64 مليار متر مكعب.

وبالتوقيع على الاتفاقية التي أعدتها واشنطن والبنك الدولي يتغير الموقف التاريخي لمصر، والذي أصر على التمسك طوال العقود الماضية بحق الفيتو الذي منحته لها اتفاقية تقاسم مياه النيل 1929، بما يفتح الباب عمليًا أمام دول أخرى في حوض النيل للشروع في إقامة مشروعات مائية ثقيلة....


مصر تأمل في التوصل لاتفاق لا يشير صراحةً إلى أي خسارة سنوية من حصتها التي تبلغ 55 مليار متر مكعب، وتربط ملء الخزان بتأمين مستوى إغلاق آمن للسد العالي، لكن هذه الآمال تبددت بسبب الوفد السوداني الذي طالب باتفاق محدد حول ما ستحصل عليه كل من مصر والسودان سنويًا.

في حالة الموافقة على المقترح الأمريكي سيكون على السودان قبول اتفاق يكلفه خسارة تتجاوز حصتها غير المستخدمة عادة إلى أقل مما تستهلكه بالفعل..

لكن «ليس من السهل على حكومة السودان أن تتحمل عبء مواجهة ما يعتبره الكثيرون في السودان رغبات مصرية استعمارية»..!

الرأي السائد داخل الأجهزة الأمنية المصرية هو ضرورة عدم توقيع مصر على أي اتفاقية لا تحمي كامل حقوقها في المياه..

اجتمعت وفود الدول الثلاث في واشنطن ثلاث مرات بحضور وزير الخزانة الأمريكي ورئيس البنك الدولي. في ختام الجولة الأولى أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بيانًا مشتركًا، يحدد الخطوط العريضة للاتفاق المبدئي ويحدد جدولًا زمنيًا في نهاية يناير لتوقيع إتفاق نهائي.

ومع ذلك، انتهت جولة اجتماعات 28- 31 يناير دون اتفاق.

عادت الدول الثلاث إلى مائدة المفاوضات 12-13 فبراير وهو ما اُعتبر جولة أخيرة من المحادثات ومرة أخرى، لم يُعلن عن اتفاق نهائي.

وجدت القاهرة نفسها فجأة في موقف تفاوضي ضعيف مع القليل من الدعم الخارجي وتحت ضغط أمريكي للموافقة على صفقة أقل مما تريد .

الضغط الأمريكي على مصر مرتبط بصفقة الأسلحة المصرية الروسية ولعبة سجل مصر في مجال حقوق الإنسان.


مطلوب من ثعلب الأحباش حشد تأييد شعبي لاتفاق يمنح مصر 37 مليار متر مكعب سنويًا. وهذه ليست مهمة سهلة لأنه وعد شعبه بغير ذلك.

كانت واشنطن قد منحته بالفعل الدعم بالموافقة على قرض من صندوق النقد الدولي وتقديم دعم سياسي مباشر يساعده في الانتخابات التي عليه أن يخوضها الصيف القادم.

ننتظر رد الفعل الأمريكي المتحيز والغير نزيه ..!

حرب المياه أخطر حروب تواجهها مصر لأنها تخص الحاضر ومستقبل الأجيال القادمة ولا يمكن خوضها بحسن النوايا أو مرونة الطرف الضعيف .

إرسال تعليق

0 تعليقات