نحو فقه آخر: الأعلمية بين الشرط الذاتي والشرط الإحتجاجي
علي الأصولي
ذهب المشهور الفقهي المتأخر، إلى شرطية تلبس مرجع التقليد الفقيه المجتهد
بشرط الأعلمية،
وقد اختلفت تعريفات هذا المعنى المقصود من الأعلمية وماهيتها، والأقرب عندي
إن الأعلمية ناظرة إلى طبيعة سنخ التقليد وهدفه،
إذ أن هدف التقليد هو إبراء الذمة بسلوك الطريق الشرعي للامتثال للأوامر
والنواهي الشرعية، وعليه تكون الاعلمية ناظرة إلى الجانب الابرائي للذمة، وهذا
الجانب لا يتحقق بنظر العقل، إلا بمحاولة التقرب لكل ما هو واقع من أوامر ونواه
مستنبطة، وهذا الاستنباط لا يكون دقيقا إلا بالجهد الجهيد والنظر في أدلة الإحكام،
للتقرب من الفهم الواقعي للحكم الشرعي أو تحديد الوظيفية العملية،
ولا نعني بالتقرب للواقع إلا بلحاظ الظاهر،
أو قل الاقربية الظاهرية للواقع لا الاقربية الحقيقية المنعكسة من لوح
الواقع ونفس الأمر، الذي هو بيد المعصوم نبيا كان أو إماما،
نعم : الأعلمية على ضوء البيانات التي قررناها تدور مدار الفقه وأصوله، وكل
ما عدا ذلك فهو فضل وأن وجد فهو من نافلة القول،
أقول أي فقيه لا يجد ولا يرى شرطية وجوب الأعلم ولم يصل إلى مستند يركن إليه
لهذه المقولة، لا يلزم منه الأعراض عن هذه المقولة بقول مطلق، فله ان يتبناها في
مقام الاحتجاج لا في مقام الإيمان بالدليل والقناعة بالتلبس،
لسد طريق المكلف الذي يتذرع بوجوب تقليد الأعلم من جهة ومزاحمة الفقهاء
دعاة شرط الاعلمية من جهة أخرى، وتكون والحال هذه الحجة بالغة وتامة على الجميع،
وهذا ما أنا أؤمن به وأسس له، واطمئن له على المستوى الشخصي منذ زمن ليس
بالبعيد،
فالاعلمية عندي شرط إحتجاج في مرجعية التقليد، والحمد لله الأول والآخر
والظاهر والباطن،
0 تعليقات