هل أن أمريكا وأصحاب
القبعات الزرقاء أصحاب فضل علينا ؟!!
محمد النجفى
بعد أن قامت أمريكا بإسقاط الطاغية صدام حاولت الإيحاء بأنها صاحبة فضل
علينا بتخليصنا منه وكان ذلك لأجل أن تخدع الشعب العراقي فتصدت المرجعية الرشيدة
لبيان الحقيقة وكشفت زيف أمريكا حيث جاء في خطاب لها:
إن أمريكا وإن حاولت الإيحاء بأنها صاحبة فضل علينا حين قضت على النظام
البائد تريد في ذلك أن تخدعنا بأنها جاءت لتحررنا من الظلم والبطش، وأجيبهم بمثال
بسيط لو أن أحداً جاء بكلب مسعور ودربّه على أذى الجيران وسهّل له ذلك ومكّنه حتى
قتل وجرح وأتلف، والناس تستغيث وتطالب صاحبه بالتخلص منه وهو لا يسمع، حتى استفحل
أمر الكلب فصار يؤذي صاحبه فرأى هذا أن من المصلحة القضاء عليه فتخلص منه، لكن هل
يكون صاحب هذا الكلب متفضلاً على الجيران؟ على العكس بل عليه أن يدفع كل الخسائر
والأضرار التي حصلت بسببه.
هذا هو حالنا فإن أمريكا هي التي جاءت بعميلها ودربته ومكنته وسكتت عن
جرائمه ودافعت عنه، ولكنه لما فشل في القضاء على الإسلام بالوسائل الوحشية وامتدت
حركة الإسلام والعودة إلى الله تبارك وتعالى لتشمل أغلب هذه الأمة الكريمة، رأت
أمريكا أن تتدخل بنفسها وبأساليب اشد مكراً وخبثاً، فإن ظاهرها الحرية
والديمقراطية والتحضر ونحوها من العناوين البراقة، لكنها تستبطن السم الزعاف[ 1 ]
.
واليوم نشاهد أصحاب القبعات الزرقاء التابعين لائتلاف سائرون يقومون بإرجاع
دوام الدوائر والمدارس وفتح الطرق مستخدمين الأسلحة النارية والبيضاء وبعض الناس
رحبوا بهذه الخطوة وأثنوا عليها ولكن هذا الترحيب والثناء ليس صحيحا لأن من أرغم
الناس على تعطيل الدوائر والمدارس بالجبر والإكراه وأغلق الطرق والجسور هم جماهير
كتلة سائرون الذين يأتمرون بأوامر السيد مقتدى الصدر وصالح محمد العراقي ونحن نعرفهم
جيدا بأسمائهم كل بحسب منطقته وقاموا بهذا العمل بعد أن نشر صالح محمد العراقي
صورة لطالبة وهي تحمل ورقة مكتوب عليها #ماكو وطن ماكو_دوام ...
فنفذ على أثرها جماهير ائتلاف سائرون الإضراب الإجباري وقطع الطرق حينما
كانت مصلحته الحزبية تقتضي ذلك والآن يكافح الإضراب ويسعى لفتح الطرق لأن مصلحته
الحزبية تقتضي ذلك ...
فإن تأييد هذا السلوك ودعمه والترحيب به ليس صحيحا لأن معنى ذلك الفوضى
والعيش في زمن ما قبل الدولة ... والاحتكام إلى لغة القوة ... !!
فكما أن أمريكا تتحمل كل ما قام به الطاغية صدام من جرائم بحق الشعب العراقي
وتدمير لاقتصاده فكذلك ائتلاف سائرون وقيادته وجماهيره يتحملون كل التبعات التي
نتجت عن إرغام الناس على تعطيل الدوائر والمدارس وغياب القانون وحدوث الفوضى ... خاصة
وكلنا يعلم أن بداية انتفاضة تشرين لم يقم المنتفضون بأعمال عنف رغم قيام الحكومة
بذلك وكانت الانتفاضة سلمية بدرجة عالية ...
وهنا أسجل عتبي على كثير من الواعين والمثقفين والمنتفضين الذين رحبوا
بخطوة التيار الصدري في تعطيل الحياة بالجبر والإكراه رغم إننا كنا نقول إن هذا
العمل مرفوض وسيء ويسيء للحراك الشعبي ويشوه صورته ويعطي الذريعة للقضاء عليه وهو
اعتداء سلب لأهم مبدأ إسلامي وإنساني وهو كرامة الإنسان وحرية اتخاذه لقراره ولكن
كنتم لا تقبلون منا وها هي جماهير ائتلاف سائرون اليوم ينقلبون عليكم ويضربونكم
لأنكم تقومون بأعمال خاطئة تعلمتموها منهم ...!!
وأقول لجماهير ائتلاف سائرون تأملوا في حالكم قليلا فبالأمس كنتم ترفضون
كلامنا الذي ينتقد إرغام الناس على تعطيل الدوام والمدارس وقطع الطرق وتصفون من
ينتقد ذلك بمختلف التهم وها أنتم اليوم لم تتركوا هذه الأعمال التي كنتم تقومون
بها فقط بل ولم تكتفوا بنقدها وتصحيحها بالحكمة والموعظة الحسنة كما كنا نفعل بل
الآن أنتم تقومون بمواجهتها بالقوة سواء بالأسلحة النارية أو الأسلحة البيضاء!!
أتمنى من الجميع أن يراجعوا مواقفهم ويحترموا عقولهم " لا يعرف الحق
بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله " كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام)[ 2 ].
فالموقف الصحيح ليس ما تقومون به يا أصحاب القبعات الزرقاء الموقف الصحيح
أن تعتذروا من الخطأ الذي ارتكبتموه بحق الشعب وتحترموا الدولة وتفسحوا المجال
للقوات الأمنية أن تؤدي دورها.
ومما تقدم يتضح أن ليس لأمريكا الفضل علينا بإزالة الطاغية صدام التي سلطته
على العراقيين وعليها ان تعتذر وتدفع تعويضات للشعب العراقي للإضرار التي تسببوا
بها ...
وكذلك حال أصحاب القبعات الزرقاء ومن يقف ورائهم ...
الهوامشــــــــــ
[ 1 ] خطاب المرحلة ج3 ص74.
[ 2 ] بحار الأنوار ج40 ص126.
0 تعليقات