المدارس الفقهية
د. محمد إبراهيم بسيونى
المدارس الفقهية هي مجموعة من المجهودات العلمية المتخصصة التي بدأت بظهور
فقهاء الصحابة الذين كانت لهم مذاهب فقهية، والذين أسسوا مدارس فقهية في الحجاز
والعراق والشام واليمن ومصر، وانتقل علمهم إلى من بعدهم، وكان القرن الثاني الهجري
أهم فترة لتأسيس المدارس الفقهية. ومنذ ان ظهرت هذه المدارس الفقهية وفرضت فلسفتها
في العبادات بتفصيلاتها المحدثة كواسطة بين الفرد وبين النص التشريعي، ومازال
المسلم لا يجد جوابا شافيا على سؤاله الحائر عن كيفية الترجيح بين الآراء الفقهية
المختلفة إلا عند من يدله على أن يسلم لشيخ أو مدرسة حرصا منه على سلامة دينه.
عندما تقرأ في الفقه ومدارسه المختلفة تجد أن معظم المسائل أقوالا متباينة
لا يدري أيها تتبع، ففي درس من الدروس يسرد علينا الشيخ عشرة آراء في مسألة واحدة
وتجد نفسك حائرا لان هناك فجوة ما بين مفهوم العبادة في النص التشريعي، وبين مفهومها
في كتب الفقه.
بدأت الفجوة بالتشكل في زمن مبكر
من التاريخ الإسلامي، حين تحول الفقه في الدين إلى علم متوسع متشعب ونظرا لضخامة
هذه العلوم فلم يعد بمقدور كل مسلم الإحاطة بها، فتكون لدينا مفهوم أهل الاختصاص،
العلماء ممن تعمق في دراسة هذه العلوم، وأصبح هؤلاء هم المخولون بالرجوع إلى النص
واستخلاص الأحكام منه، فحال هذا المفهوم بين المسلم وبين النص الديني، فصار المسلم
يتردد في الاستجابة التلقائية إلى أوامر الله قبل أن ينظر في أقوال أهل الاختصاص
ويسمع منهم تفصيلهم للأمر وهل هو باق أو منسوخ أو أن هناك تفصيل وجب عليه فهمه قبل
أن يطبق الأمر، وهنا أغرقه أهل الاختصاص في أحكام استحدثوها إلى جانب ما جاء به
النص من أحكام، ثم أغرقوه في خلافاتهم في تلك الأحكام، وحرموه من تلقي الأوامر من
النص، ومن كمال عبوديته في امتثاله المباشر لأوامر الله.
أستاذ متفرغ عميد طب المنيا السابق
0 تعليقات