آخر الأخبار

نحو فقه آخر: التكسب بالكلب








نحو فقه آخر: التكسب بالكلب


علي الأصولي


ذكر الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري في ( المكاسب ج١ م ٦)
ما يلي:

( يحرم التكسب بالكلب الهراش والخنزير البريين إجماعا على الظاهر المصرح به في المحكي عن جماعة ).

وعلى ضوء ذلك صرح فقهاء التقليد في الرسائل العملية ( قسم المعاملات باب المكاسب المحرمة ) .

مسألة: تحرم ولا تصح التجارة بالخمر وباقي المسكرات والميتة ( والكلب ) الخ ،   ( انظر منهاج الصالحين ) للمحقق السيد الخوئي وغيره.

والكلام في جهات:

الجهة الأولى: أولا أن معنى الكلب الهراش هو ما ساء خلقه، وتقيد الشيخ الأعظم بالهراش هو لأجل دفع توهم حرمة غيره في الجملة،
الجهة الثانية: ذكر الكلب البري هو قيد للقول بطهارة الكلب البحري، مع أن الملاحظ عدم الإطلاق على الكلب البحري الا بالإضافة ( كلب الماء أو كلب البحر ) .

وقد ذكر صاحب المكاسب كدليل لحرمة التكسب الإجماع من جهة والروايات من جهة أخرى، وأن أمكننا اجتياز دعوى الإجماع هو لوجود النص فيكون إدخاله في الاستدلال من تحصيل الحاصل،
وعلى أي حال : ما يمكن استفادته منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله الصادق(ع) في حديث أن رسول الله(ص) قال: ثمن الخمر ومهر البغي وثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت ( الوسائل ب ه من أبواب ما يتكسب منه ح ٧).

ورى جابر أن النبي (ص) نهى عن ثمن الكلاب والسنور إلا طلب الصيد ( الخلاف للشيخ الطوسي ٢ م ٣٠٢).

ومنها ما رواه أبو عبد الله العامري قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن ثمن الكلب الذي لا يصيد؟
فقال: سحت وأما الصيود فلا بأس ( الوسائل ).

وغيرها من الروايات ذات المضمون الواحد فمن شاء راجع المصادر الحديثية ووسائل الشيعة على الخصوص ففيها الكفاية، الدالة على حرمة ثمن الكلب ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين أقسام الكلاب،

نعم وقع الكلام بين الأصحاب حول جواز بيع الكلاب الثلاثة ( الماشية والزرع والحائط ) وسواء ثبت أو لم يثبت جواز بيع كلب الزرع والحارس للماشية أو حارس البستان مثلا فلا كلام وحرمة بيع كلب الهراش والعقور،

ولذا قال صاحب ( المراسم ) فأما المحرم - إلى أن قال - وبيع الكلاب إلا السلوقي وكلب الماشية والزرع،

قال صاحب ( التذكرة ) الكلب إن كان عقورا حرم بيعه عند علمائنا، وبه قال الحسن وربيعه والاوزاعي والشافعي وداود واحمد،
إذن: هناك نصوص خاصة بجواز بيع كلب الصيد خاصة، وأما الكلاب الثلاثة، فقد قدم الفقهاء لجواز بيع هذه الكلاب، عدة وجوه للجواز، منها الإجماع،

وفيه: على ما ذكر تقي القمي صاحب ( تكملة مباني المنهاج ج٧) على تقدير تحققه لا يترتب عليه أثر لاحتمال استناد المجمعين إلى الوجوه المذكورة في كلام الأصحاب - أي يحتمل إجماعهم ناظرا لاستظهارات الأصحاب لا إلى نص ما –

ومنها: أن ثبوت الدية يدل على جواز المعارضة عليها وقد ثبتت الدية بالنسبة للأنواع الثلاثة،

وفيه: ان ثبوت الدية لا يدل على الملكية فضلا عن جواز البيع، ولذا نرى أن الدية ثابتة إلى الحر مع عدم كونه مملوكا وعدم جواز بيعه،
أقول أن قياس تقي القمي هو من القياسات مع الفارق فلا اعرف كيف قاس بين عدم جواز بيع الكلب لعدم جواز بيع الإنسان الحر ( الغير مملوك ) والمفروض أن عدم جواز بيع الحر إلا لكونه حرا، وليس كالكلب الذي يكون مملوكا لآخر بنحو من الأنحاء، مع أن استلام الدية ، دية الكلب لابد من عنونتها بعنوان إما الملك أو لوضع اليد ولا ثالث وعلى أي فرض فالعنوان اعم من حصة بخصوصها،
ومنها: أنه لا إشكال في جواز إجارتها  - أي الكلاب - لحفظ الماشية والحائط والزرع، وجواز الإجارة يستلزم جواز البيع،

وفيه: أنه لا ملازمة بين الأمرين ولذا نرى أنه يجوز إجارة الحر ومع ذلك لا يجوز بيعه، فأن الأحكام الشرعية أمور تعبدية تابعة للدليل فلاحظ،

أقول أن دعوى عدم الملازمة لان بيع الحيوان من مقولة وبيع الإنسان الحر من مقولة أخرى وبين هذه المقولة وتلك هو الدليل المجوز وغير المجوز،

وما جازت إجارته جاز بيعه والتمثيل بالإنسان الحر هو من التمثيل بالنادر اللا دليل عليه، وما نحن فيه من الأمور والأحكام المعاملاتية وليست من الأمور التعبدية الصرفة فانظر،

ومنها: أنه يجوز بيع كلب الصيد فيجوز بيع الثلاثة - أي الكلاب الثلاثة الماشية والزرع والحائط - لوحدة الملاك

فإن الوجه في جواز بيع كلب الصيد وجود فائدة،

وفيه: أنه قياس مع الفارق والقياس باطل في الشريعة المقدسة، واللازم متابعة الدليل،

أقول إننا يمكن إلغاء الخصوصية أو عدم فهما من أصل ولا قياس حنفي في البين حتى يصار للبطلان،

وعدم التورط بالقياس الحنفي نتفاداه كما هو الصحيح بلحاظ وحدة الملاك ووجه الانتفاع، فكما نص الجواز على بيع الكلب ؛ كلب الصيد لأجل المنفعة، فكذلك المنفعة موجودة بكلب الزرع والماشية والحائط، فأن المعصوم ليس بصدد بيان أفراد الكلب وما يجوز وما لا يجوز بل أعطى قاعدة كلية مفادها  ( المنفعة ) بلحاظ طبيعة سؤال من سأل عن كلب الصيد خاصة الذي توجد فيه منفعة نوعية آنذاك ولذا كثر السؤال حوله،

وعليه : وإتماما للحجة وتوسيعا للفائدة واطمئنانا للدليل يمكن لحاظ جواز بيع وشراء ليس كلب الصيد فحسب بل وليس الكلاب الثلاثة ( كلب الزرع والماشية والحائط ) بل يمكن تعميم الجواز لوحدة المناط لبيع وشراء كلاب الزينة مع التحرز من الكل من نجاسة الجميع...

والحمد لله رب العالمين


إرسال تعليق

0 تعليقات