آخر الأخبار

كاربون 14 … C14: (١)








كاربون 14 … C14: (١)

د. عبد الصمد الدغيمى


إذا أردت أن تتعلم … فأول ما ستتعلمه هو أن المظاهر خادعة، تجاهل افتراضاتك، لا تثق بأي شيء، مما تراه ومما تسمعه، وما يخبرك به الناس، وما تعتقد أنك تتذكره فيما لُقِّن لك لما كانت ذاكرتك عذراء.


دع التجربة تغمرك، وأنت تبحث عن الحقيقة المخفية، تشرَّبها كالإسفنجة، لا تتوقع شيئاً، عندئذ فقط ستكون مستعداً لأي شيئ.


تذكر دائما أن جسدك لا يُمثلك سوى لحظات في عمر الكون، تطرحه كما تطرح الأفعى جلدها، تتركه وراءك منسيا … إلى حين لتكتسب غلافاً جديدا. فجسدك أداة لا تجعله يُسيطر عليك … بل كن أنت المسيطر عليه.


حين تستيقظ لن يكون العالم كما تظن وكذلك أنت. فالكل يتكلم عن السلام، والسلام وهم مهما بدا العالم هادئاً. أبحث كيف تكتسب السلام بدواخلك، أما السلام الخارجي لا يدوم.


السلام هو صراع ضد طبيعتنا بحد ذاتها، أشبه ببشرة أو جلد نغطي بها عظامنا وعضلاتنا كما نُغطي همجيتنا الفطرية، فغريزة العنف تزحف في داخلنا كطفيلي (parasite) بانتظار أن يتغذى على غضبنا ويتكاثر حتى يشق طريقه للخروج منا…وينفجر.


لحظات السلام التي نجدها أحيانا، ماهي إلا حرب أُسيئ إخفاؤها، لأنها حقيقة "استسلام" للوضع الآني كما لدى الأكثرية، وعليه يكون الاستسلام وحشياً بقدر أي هجوم على التفكير الحر الغير منتمي للآبائية.


الحرب هو الشيء الوحيد الذي نفهمه حقا، فكم من الأموات والقتلى تشاهده يوميا من نافدة الإعلام … ولا تُحرك بك ساكنا سوى قولة "لا حول ولا قوة إلا بالله" … قولة لن تغير من الوضع شيئا. الكل يشعر بالغضب من الظلم، لكن لا يستطيع الجميع الرّد. والعنف دائما في جوهره بطريقة أو بأخرى … شخصية راكدة داخلنا.


فعلا التكنولوجيا تتطور، على عكس البشرية التي تتدهور، حقيقة نحن قردة ذكية، وما نريده لا يتغير أبدا: طعاما ومسكن وجنس وفي كل أشكالهم. فقوة الذئب ليست في أنيابه أو سرعته أو مهارته … بل في القطيع، لذلك القوى المظلمة تبني بكل المجتمعات قطيعا، تجد طريقة ما لإلهام السكان المحليين باعتناق دين ما أو إيديولوجية ما وتقديم ولائهم لتلك القوى المظلمة حتى لو كانت ستتم التضحية بالعديد منهم في النهاية. فعندما يكتب المنتصرون التاريخ، يكون كنوع آخر من الحروب تُشن بعد انتهاء القتل في ساحة المعركة … لقتل وإبادة ذكرى المنهزمين.


…يُتبع…

إرسال تعليق

0 تعليقات