آخر الأخبار

الفتوى.... وقاعدتها المعرفية







الفتوى.... وقاعدتها المعرفية

عز الدين محمد

يعتقد كثير أو على الأقل بعض طلبة الحوزة العلمية أن دراسة الكفاية (أصول) أو اللمعة والمكاسب (فقه) ودراسة القواعد الفقهية وبعض بحوث العلماء كافية لوصول طالب العلم إلى بداية درجة الاجتهاد..

لكن هناك أمر هام يتم تجاهله ويمثل القاعدة المعرفية الأهم للاجتهاد، وهو معرفة مقاصد الشريعة وفلسفة الفقه والقواعد الكلية في الشريعة، وقبل كل ذلك موضوع الفتوى، إذ لا يمكن إصدار حكم قبل فهم وتحديد الموضوع.


الدراسة والنجاح ليست أمرا صعبا جدا، لكن الأهم هو فهم ما قبلها وما بعدها... وعدم إدراك ذلك هو ما أوقع كثيرا من طلبة العلم في وهْم وصولهم إلى درجة الاجتهاد، وأوقع كثيرا من العلماء في شرك الصناعة الفقهية بطريقتها الميكانيكية في التعامل مع النوازل (المستحدثة) وحتى مع القضايا الفقهية التقليدية مما نتج عنها فتاوى غير موفقة في استنباطها وفي نتائجها.



كمثال على ذلك ما صدر عن الفقيه الشيخ قاسم الطائي من فتوى بخصوص وباء كرونا، وجاء في نص الفتوى: "وأنصح المسلمين والمؤمنين الالتجاء إلى الله والقيام بشعائر دينه من صلوات الجمعة والجماعة وزيارة مراقد أئمة الهدى لأنهم محال رحمة الله، والرحمة لا تجتمع مع الأذى والضرر بالفايروس، وإن يكون إقبالهم على الزيارة والصلوات بقلوب حاضرة ونفوس متوجهة لا تشغلها أمور الدنيا كي لا يحرموا من بركاتها وإفاضاتها الرحمانية الربانية، وأنا اعتقد بأن الفايروس لا يصيب المؤمنين المخلصين في ايامانهم بل لعله لا يصيب المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة، والفايروس نوع عقاب للبشر على ما كسبت أيديهم."



الفتوى مؤسفة وغير موفقة، من حيث الأدلة والقواعد الفقهية بشكل واضح وصارخ، كما أنها تكشف عن غياب تام للنظرية الفقهية، وهي كذلك غير موفقة من حيث عدم ملاحظة نتائجها على مقبولية الدين، بل ولا ملاحظة أن هذا الوباء فتك بعدد مهم من علماء الدين، ومن المؤمنين إلا إذا كان الشيخ يشكك بإيمانهم.


فضلا عن ذلك فإنها تمثل فشلا مخجلا للخطاب الديني، أنها تغرر بالناس من جهة وتساهم من جهة أخرى في نفور أكبر للشباب من الدين.



إرسال تعليق

0 تعليقات