قراءة كاظمية : شبهة
أم اشتباه (1)
علي الأصولي
ذكر الطوسي، أنه قال: روى الثقات أن أول من أظهر هذا الاعتقاد - أي الوقف -
علي بن أبي حمزة البطائني وزياد بن مروان القندي وعثمان بن عيسى الرواسي، طمعوا في
الدنيا، ومالوا إلى حكامها واستمالوا قوما، فبذلوا لهم شيئا مما اختالوه من الأموال،
نحو حمزة بن بزيغ وابن أبي المكاري وكرام الخثعمي وامثالهم ، ، ،
وحسب هذا النص وكما يظهر أن هذه الجماعة لم تقف على هذا الاعتقاد فحسب، بل أظهروه
للعلن وفي الوسط الشيعي أيضا، كدعوة إليه، لان الإظهار يستبطن الدعوة، إلى الأفكار
والرؤى، بل وأكثر من ذلك بذلوا الأموال لاستمالة بعض المؤثرين في الساحة الشيعية
وهو ما يشبه بمصطلح اليوم شراء الذمم،
هذا النص أعلاه، لم يجد قبولا عند صديقنا المفكر غالب الشابندر حيث حاول
تضعيفه لجهة كونه نص شيعي وهو بالتالي خصم للواقفية،
وكون روايته أشبه ما تكون بالمرسلة لأنه لم يخبرنا الشيخ - شيخ الطائفة- من هؤلاء ثقاته الذين روى عنهم، واستغرب كذلك
عند قول الشيخ أنهم ( مالوا ) الى الحكام، ولم يجد اي مصداق للميل هذا،
يبدو بأن المعترض، يتوقف كثيرا في مسألة الاسنادات في مثل هذه الاخبارات،
واجد ان التشدد السندي اذا ادخالناه للمادة التاريخية فلا يبقى حجر على حجر،
ومفكرنا العزيز يعلم بذلك جيدا، فقد اتفقت الكلمة العامة والخاصة على عدم شرطية
السند في القضايا التاريخية،
ومع ذلك فأن تجاوزنا موضوعة الإسناد فسوف نتوقف على موضوعة النقل ويفترض
كون الناقل ليس بخصم لهذه الفرقة،
وهذا الأمر صحيح مبدئيا ولكن يمكن الأخذ بقول الخصم بعد انسداد طرق المعرفة
خاصة وأن الخصم وهو الطوسي لم تتعارض روايته والذوق المعصومي آنذاك إذ أن نفس
المعصوم قد تبرا من هذه الفرقة مرارا وتكرارا على ما سوف تعرف فانتظر، أما موضوعة
الميل فالأمر واضح من خرج عن ربقة الجماعة الإمامية فهو بالتالي يصنف على الآخر
بلا كلام،
عندما تقف على رواية الكشي، سوف تعرف أن بعض وكلاء الإمام الكاظم (ع) سقطت
بين أيديه ثلاثون ألف دينار من أموال الزكاة، عن طريق الإشاعة وهم بدورهم أرسلوها
إلى حيان السراج وزميله في الكوفة، واشتروا بها دورا وعقدوا عقودا ( إنشاء مؤسسات
وأعتقد بأنهم روجوا لها تحت عنوان الخدمية ) واشتروا غلات، ومع أن إمامهم في
السجن، وما أن استشهد أعلنوا إنكار موته !
بدعوى أنه المهدي القائم وهو لا يموت ونحو ذلك، وهنا سوف ينفتح عندنا الباب
للتساؤل حيث أصبح هناك خلط ما بين السياسة والعقيدة وما بين الاستحواذ على المال
وما بين دعواهم أنهم يحرصون عليه من التلف، ولذا دخلت الشيعة في حيص بيص، كما هو
حالنا اليوم حذوا القذة بالقذة والنعل بالنعل، ( اعتقد جازما ان حيان وصاحبه أيضا
توج رؤوس بعض الشيعة في الكوفة ) ونقدهم ومسألتهم بالتالي ليس من السهولة بمكان،
ولذا أوكلت المهمة لأكابر أصحاب الإمام الرضا (ع) بل ونفس الإمام علي الرضا (ع) دخل
على خط الأزمة،
نعم العامل المالي كان له حضور في الإشكال الواقفي في الجملة، حيث الأموال
الكثيرة، وهذا لا يعني عدم وجود اشتباك عقدي في مسألة الإمامة مفهوما ومصداقا على
ما سوف تعرف،
للشيخ الصدوق توجيه لطيف حول هذه الأموال التي كانت بيد الإمام أو بعض أصحابه،
معلوم أن هناك بحبوحة وانفراج اقتصادي ملحوظ على أيام الإمام الكاظم (ع) وبالتالي
جمعت هذه الأموال عنده بكثرة، غير أنه ليس له مساحة كافية بالتحرك إلا عن طريق
إنشاء شبكة كبيرة من الأنصار من الوكلاء، من هذه الوكالات عامة ومنها خاصة
والوكلاء بدورهم اناطوا بعض المهام الإدارية والمالية لبعض ثقاتهم وبالتالي بناء
على توجيه الصدوق كثرة الأموال بدون ان تصرف على الأغلب نتيجة الظروف الموضوعية
السياسية آنذاك،
وهذه الأموال كانت موزعة بين الوكلاء بالتالي الإنسان أمام أموال طائلة
يحتاج إلى عزيمة يوسفية بالصبر والتصبر على صون وصيانة الأمانة.
0 تعليقات