آخر الأخبار

للمرأة سلام…






للمرأة سلام…




صالح عوض


إلى امرأة تستيقظ هذا الصباح وقد تجددت في روحها معاني الحياة وأينعت في عينيها آيات الوفاء، تتمتم بكلمات القداسة، تحث الخطى بوقار وفي يديها باقة ورد في اتجاه مقبرة الشهداء تضعها بحنان جم على شاهد قبر الشهيد ابنها أو أخيها أو زوجها أو أبيها.. في هذه اللحظات للشمس الحق كاملا ان تختفي خلف يقين المرأة وتستمد منها دفئها الأسطوري.


للمرأة سلام.. وهي تكفكف دموعها العزيزة وقد تركها الرجل تخوض صعاب دروب الحياة فيما هو ذهب في طريق الكرامة والتحرير.. تلتف وأبناؤها بستر الحال تواعدهم على غدٍ فيه ترتفع الرايات ويندحر الاستعمار وتزغرد فيه كل النساء لصبح الحرية.. للمرأة سلام وهي تفي بالعهد فتحمل أطفالها على يقين النصر وذكريات الأب الشجاع والخال المفدى والجد الشهم فتملأ الفضاء كبرياء فتكون الحياة كأجمل ما تكون.

للمرأة سلام.. للأم التي لم تر جثمان وليدها بعد ان قصفته الطائرات وشتّتته الألغام.. للمرأة سلام وهي توزع قلبها على معتقلات العدو، حيث يقبع أبناؤها موزعين على سجونه.. للمرأة سلام.. للزوجة وقد خطف العدو المجرم العنصري لحظات أمنها واستقرارها عندما وجه رصاصات الحقد إلى صدر زوجها الحبيب.. للمرأة سلام وهي تصنع خبزها اليومي فتحكي للأولاد والدمع الحبيس في عينيها عن أخوالهم كيف سطروا آيات البطولة دفاعا عن الوطن.

في الجزائر وفي فلسطين وفي العراق.. أمام جيوش العنصريين الفرنسيين والأمريكان والصهاينة والانجليز كانت المرأة العربية هي من يدفع الثمن غاليا كانت هي الأم الثكلى والزوجة الأرملة والأخت الفاقدة والبنت اليتيمة.. ولأن المرأة واهبة الحياة وصانعة المجتمع أسرعت بصبرها الجميل وبألمها العظيم تلملم شتاتنا وتبني أعشاشنا تأوي إليها زغب الحواصل ترضع الصغار كبرياءً وتهدهدهم بأناشيد المستقبل.

في الجزائر وفي فلسطين وفي العراق ملايين الأرامل وملايين الثكالى وملايين اليتيمات والفاقدات.. أليس من الواجب على كل الرجال في مثل هذا اليوم الانتشار في مهرجان ضخم متحرك لرفع شأن المرأة والهتاف بها وهي سر بقائنا وصمودنا ومستقبلنا العظيم؟ في مثل هذا اليوم ينبغي ان ننطلق من وصل الحياة الأول إلى فروعها المتشعبة ونسجل بكل وضوح ان المرأة هي الوطن وهي الوجود وهي الأرض فكان الدفاع عن كل هذا حقيقيا عندما كانت المرأة حقيقية.

شكرا لأمهاتنا اللواتي زرعن فينا العزة والإباء فلم نسلم الراية لعدو.. شكرا لأمهاتنا اللواتي حافظن على خرقة العهد والوصية فكانت قماطنا في المهد وراياتنا في الشباب.. شكرا للمرأة العربية في كل مكان وهي تتجرع الغصص ولكنها تقول بملء الفم: كل شيء من اجل الوطن يهون.

في عيدها يملأ الرجال قلوبهم حنوا وحبا، لأنه لا يليق بالمرأة إلا الحنو والحب.. تولانا الله برحمته.

إرسال تعليق

0 تعليقات