التشيع في مواجهة
خطر انقراض الوسطية
علي إمام
·
قبل أيام كتبت موضوعاً حول تعقيم شباك المرقد
الطاهر .. وكنت أتصور أن الأمر لوضوحه لايحتاج الى توضيح .. والمفروض أن الناس
تعرف الفرق بين قداسة الإمام .. وبين بعض الحديد والفضة الذي يحيط بالقبر الشريف !
لكني لازلت أتعرض للصدمات حول واقعنا الفكري المؤلم !
* فالإمام هو نور الله .. فلماذا الإضاءة الكهربائية ؟
·
والإمام هو ولي الله .. لماذا يحتاج ذهب القبة
للطلاء لأن لونه يتحول للأسود ؟
والإمام هو معدن الطهارة .. لماذا يتم شطف المفروشات وتطهيرها بالمعقمات
يومياً ؟
والإمام هو أسد الله .. فلماذا الحمايات واللجان الأمنية ؟ وكيف سمح الإمام
بالتفجيرات في بابه ؟
والإمام هو سيد الجنة .. فلماذا العطور والتبخير للحضرة بشكل يومي
وكل هذه الممارسات من عشرات و مئات السنين !
* نعم يجب الاعتراف .. أننا نعيش نتائج سنوات من الإهمال لشبابنا .. هذا
الجيل قضى الفترة الأهم من عمره يتابع مواقع التواصل ويحشي عقله بمعلومات مبعثرة ..
بدون أي تعليم عقائدي .
* هذا الجيل لم يحضر دورة عقائدية .. ولم يقرأ كتاباً في علم الكلام .. ولم
يدرس أبسط عقائد أهل البيت ورواياتهم .. فكيف يعرف معنى التوحيد الذاتي للحق
سبحانه وتعالى .. و كيف يفهم التوحيد الصفاتي والأفعالي وكل مراتب التوحيد .
* هذا الجيل فارغ تماماً من أبسط مقومات عقيدته .. لايجمعه سوى ( الحب لأهل
البيت ) وكأنه جيل من الصوفية وليس الشيعة .. لايعرف كم لدينا من البراهين والتراث
العقلي والفكري العظيم !
·
مجتمع كامل لايفرق بين العاطفة والعقل .. وبين
الولاية والبراءة .. وبين التوكل والعمل .. وبين الغيب والأسباب الطبيعية .
جيل لايستطيع البقاء على وسطية أهل البيت بدون إفراط أو تفريط .. فتجده على
الإفراط يستنكر التعقيم والعمل بالأسباب بحجة مقامات أهل البيت .. أو على التفريط
ينكر فضائل أهل البيت ومقاماتهم من الأساس !!
* هذه مجموعة من النصوص أضعها بين يديكم .. وأنا أكرر نصيحتي للشباب :
* ستمر عليكم فتن وشبهات .. فاستعدوا وادرسوا كتب العقيدة .. وافهموا مكانة
أهل البيت الحقيقية .. هذا الذي عندنا تشيع يحتاج للتقوية.
* الشيعي الذي لايمكن لأحد خداعه أو التأثير عليه بأي شيئ خلاف مدرسة
التشيع .. الشيعي الحقيقي هو الذي يقول ( القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد،
فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني )
* والآن لنسمع ما قاله آل محمد :
·
قال الشيخ النراقي قدس سره في جامع السعادات ج ٣
:
( .. اعلم أن التوكل لا يبطل بالأسباب المقطوعة والمظنونة مع أن الله قادر
على إعطاء المطلوب بدون ذلك لأن الله سبحانه ربط المسببات بالأسباب وأبى أن يجري
الأشياء إلا بالأسباب .
ولذا لما أهمل الأعرابي بعيره وقال : توكلت على الله ، قال له النبي (ص) : أعقلها
وتوكل .
وقال الصادق (ع) : أوجب الله لعباده أن يطلبوا منه مقاصدهم بالأسباب التي
سببها لذلك وأمرهم بذلك .
وقال الله تعالى خذو حذركم ) وقال في كيفية صلاة الخوف : ( وليأخذوا حذرهم
وأسلحتهم ) وقال : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) . انتهى كلامه
قدس سره .
·
و الإمام علي حين أعطى الراية لابنه محمد بن
الحنفية يوم صفين لم يقل مباشرة أن النصر من عند الله .. بل أخذ بالأسباب و قال :
(( تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك وتد في الأرض قدمك
إرم ببصرك أقصى القوم وغض بصرك واعلم أن النصر من عند الله ))
* وقال رسول الله لقوم رآهم لا يزرعون ما أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون قال
: لا بل أنتم المتكلون .
·
والإمام الصادق في قوله تعالى : ( وعلى الله
فليتوكل المؤمنون ) قال : الزارعون .
وروي عنهم عليهم السلام : ( أن زاهدا من الزهاد فارق الأمصار وأقام في سفح
جبل فقال لا أسأل شيئا حتى يأتيني ربي برزقي فقعد سبعا فكاد يموت ولم يأته رزق
فقال : يا رب ! إن أحييتني فأتني برزقي الذي قسمت لي وإلا فاقبضني إليك.
فأوحى الله تعالى إليه : وعزتي وجلالي لا أرزقك حتى تدخل الأمصار وتقعد بين
الناس .
فدخل المصر فأقام فجاء هذا بطعام وهذا بشراب فأكل وشرب فأوجس في نفسه ذلك
فأوحى الله له : أردت أن تذهب حكمتي بزهدك في الدنيا ؟ أما علمت أني أرزق عبدي
بأيدي عبادي أحب إلي من أن أرزقه بيد قدرتي )
* فالزيارة والتعقيم والعمل بالأسباب .. مما يشهد بفهمنا لقولهم الشريف .. وما
يسعد قلوبهم بفقاهة شيعتهم وفهمهم .
0 تعليقات