جذور التخلف والبحث عن جواب
د. محمد ابراهيم
بسيوني
استاذ متفرغ عميد طب
المنيا السابق
المقارنة أصبحت مملة
ومعادلة صعبة، لكن الأهم هو معرفة سبب تراجع مصر وتقدم بلدان أخري. فقد بات مؤرقاً
هذا السؤال لنا جميعا.
تخلف مصر وتراجعها في
ميادين حيوية كالتنمية والخدمات الصحية والتعليمية والمواصلات والمنافذ البرية
والجوية ومواكبة التطورات التقنية.
من أهم هذه الأسباب
عيشنا في ثقافة وبيروقراطية لا تشجع على الإبداع أو الابتكار. ففي حين تتسابق
النمور الآسيوية لتبني الأفكار والأطروحات الجديدة نعيش نحن في شرنقة ثقافية تحث
على السكون وإبقاء الشيء على حاله ولأن طموحات الشباب تتجاوز بيروقراطية
الديناصورات رأينا هروب علمي وأكاديمي وصناعي إلى الخارج.
جذور التأخر تعود إلى
الفترة الاشتراكية وسياستها وإتباعها لسياسات خارجية قادتنا إلى حرب فى اليمن
وهزيمة يونيو 1967. كان العالم آنذاك في معظمه على شاكلتنا يطالب الدولة بالتدخل
فى الاقتصاد.
بعدها أحداث 17 و18
يناير 1977 أجهضت مشروع الرئيس السادات الإصلاحي وانتهى إلى حالة من الشلل الاقتصادي
فى البلاد لعقد ونصف من الزمان بعد ذلك. وفي عهد الرئيس حسني مبارك وظهور شركات
توظيف الأموال التى كادت أن تؤدى ليس بالنظام المصرفي فقط وإنما بالاقتصاد المصري
كله.
بداية الإصلاح كانت
بعد حرب تحرير الكويت، والدور المشهود الذى قامت به مصر سياسيا وعسكريا فكانت
المكافأة تخفيض الديون المصرية إلى النصف، ومساعدة مصر لكى تطبق أول برنامج
للإصلاح الاقتصادي الجاد فى عهد وزارة الدكتور عاطف صدقى.
النتيجة كانت انتعاشا اقتصاديا ودخول مصر مرحلة
من إتباع بعض من الرشادة الاقتصادية إلا أنه بمجرد الخروج من الأزمة الاقتصادية
كما هى العادة رجعت لعادتها القديمة من أول المزيد من تدخل الدولة فى الاقتصاد،
وحتى التوسع فى الاقتصاد العام والمغامرة بأسعار متعددة للعملة، فكان الركود الاقتصادي
مرة أخرى مع السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين. وبعد أن دخل الاقتصاد مرحلة
أخرى من الإصلاح والرشد والنمو الاقتصادي قبيل عهد الثورات، فإن التردد والتلعثم
فى أن تصل المسيرة إلى غاياتها التى وصلت إليها الدول الأخرى ظل سائدا ومسيطرا. وبعد
الثورة يناير 2011 لم يرد على الخاطر القومي لا خطة ولا برنامج للإصلاح الاقتصادي،
ولم يكن لدى جماعة الإخوان شىء يقدمونه للاقتصاد المصري سوي استيلاء رجالهم عليه.
0 تعليقات