آخر الأخبار

أصالة الفقـــــــر







أصالة الفقـــــــر


علي الأصولي

غالبا في التاريخ العلمائي المرجعي تجد أن أصالة الفقر والفاقة والعازة لمرجع التقليد هي الأصل، وما خلا ذلك فهو من قبيل الاستثناء،

تعالوا لنقرأ ما كتبه العلامة الهمام الشيخ محمد جواد مغنية وهو في صدد عرض حياة أستاذه السيد الحسين الحمامي وما عاناه من الم الفقر والغربة على أيام التلمذة إذ يقول في كتابه ( التجارب ) درست ست سنوات متوالية عند السيد الحمامي لم احضر خلالها على أستاذ غيره ولازمته ملازمة الظل لصاحبه .

كان أستاذي أفقر أستاذ في النجف وكنت أنا أفقر تلميذ فيها وكنت اشعر أنني من أحب تلاميذه إليه وأقربهم لديه ..كان أستاذي على حاجته وكثرة عياله يبدو منطلقا دائما مرحا ساخرا ، وكثيرا ما كان يتخذ من حاجته موضوعا للتفكه والتسلية،


لقد كافح السيد الحمامي بقوة وتقي ، وصبر على الفقر والألم مجاهدا في سبيل العلم والدين أكثر من خمسين سنة، وكان من نتيجة هذا الصبر الطويل ، والجهاد المتواصل ان ابتسمت له الأيام بعد العبوس ، ولانت له الحياة بعد الشدة ، وأطاعته الظروف بعد النشوز ، فأصبح عالما ، وأستاذا ، ورئيسا ، ومرجعا للطائفة ، وآتاه الله سبحانه من فضله ما يرضيه ويكفيه ، فوفى ديونه ، ووسع على عياله ، واشترى دارا ، وأعان تلاميذه بما تيسر،



نعم: إذا كان نتيجة الصبر ابتسامة الحياة بعد العبوس واللين بعد الشدة فهذا يدل على صحة الأصالة التي ذكرتها أعلاه كون المرحوم الحمامي نموذج من نماذج كثيرة وهذا الخط،


بينما في هذه الأيام كادت هذه الأصالة تختفي شيئا فشيئا وتضمحل معالمها الكلية وتتبدل الأحوال والظروف السياسية والاجتماعية وغيرها من العوامل،


لنجد بالنتيجة أن الأصالة اليوم في الجملة هي أصالة الغنى والبحبوحة والتوسعة على النفس والأهل والعيال والأحفاد والأصهار ومن لاذ بفيافي بني سعد، إيذانا بعصر جديد وأصالة أخرى غير ما كانت معروفة على أيام سياسة ( شد الحجر على البطن ).


فهنيئا لمن يولد في هذا الوسط وهذا الجو الذي زاحم وسط وجو الأغنياء، حيث الأموال من جهة، والزعامة للآل من جهة أخرى ( وعلى قول المثل العراقي الشهير منين ما ملتي غرفتي).


إرسال تعليق

0 تعليقات