آخر الأخبار

اسمحوا لي بالاختلاف مع هذا السياق










حمدي عبد العزيز


قد اختلف مع كثيرين من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وبينهم بعض من أساتذتي وأصدقائي الأعزاء .. حين أعتقد أن حملة السخرية والتنكيت و(القلش) علي الصين والصينيين ، والحديث عن روايات مشكوك في بعضها ، ومبالغ في بعضها الآخر حول ما يشاع عن سلوكيات غذائية للصينيين ، وربطها بفيروس الكوفيد 19 الذي بات معروفاً باسم الكرونا ، هو انزلاق (دون دراية في غالبه) للانجرار والانسياق في سياق حملة موجهة من قبل دوائر أمريكية لإلصاق مسئولية إنتشار الوباء للصين ، تغطية علي حقيقة عجز النطام العالمي الذي تقوده النيوليبرالية الأمريكية أمام الوباء ، وانكشاف النظام الصحي في دول المراكز الرأسمالية أمام تفشي الوباء ، وتجلي ذلك في أسوء واقسي وأحط الظواهر أخلاقياً وهي ظاهرة ترك كبار السن يواجهون مصائرهم وحدهم مع الوباء ، وتركيز العلاج علي الأعمار الأقل في بعض مناطق دول المراكز الرأسمالية ، مع استمرار حقيقة تركز الرعاية الصحية الأعلى كفاءة للأغنياء ...



ولعل الملفت للظاهرة أن هذا السياق قد تصاعد إلي حد كبير بعد تكرار استخدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعبير (الفيروس الصيني) في الإشارة لفيروس الكرونا في محاولة منه لتثبيت هذه الصورة الذهنية لدي شعوب ودول العالم لتوظيف هذا السياق بهدف عاجل أشرت إليه في البداية ، وهدف آجل سيتم العمل عليه فيما بعد خروج العالم من الأزمة لمواجهة المتغيرات العميقة التي يتوقع أن تترتب علي هذه الكارثة الإنسانية ، ومحاولة تحميل مسئوليتها للصين ، وبالتالي مطالبتها بدفع فاتورة ماترتب علي هذه الكارثة وتداعياتها الاقتصادية ، وكأن الصين لم تقدم أول الضحايا وأول الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية في مواجهة هذا الوباء ، وكأنها هي التي صنعته ، وكأن الصين لم تقدم نموذجاً لمكافحة الوباء وفي اتخاذ ، الإجراءات الوقائية في مواحهته للعالم ، وكأنها لم تقدم مساعداتها للدول الموبوئة في العالم وفي مقدمتها دولاً أوربية (إيطاليا علي سبيل المثال لاالحصر) ..



ولذلك فإنني أناشد الذين انخرطوا في الكتابة والمشاركة في هذا السياق بدافع مجرد هو تشارك الفكاهة والتسلية مع أصدقائهم ومعارفهم وقارئيهم من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ، التوقف للتفكير العقلاني والعلمي والمعلوماتي المحقق والموثق فيما ينشر بهذا الخصوص ، والبعد عن استنتاج المعلومات من كتابات وروايات وحكايت مسطحة تبتعد عن الجدية قبل أن تبتعد عن عمق الحقيقة ، وعدم الانزلاق إلي مواقف تلحق صاحبها (دونما حصافة) بموقف يتم توظيفه وإلحاقه بذيل الحملة الترامبية علي الصين ..


ـــــــــــــــــــــــــــ
26 مارس 2020

إرسال تعليق

0 تعليقات