بين البهائي
والاردبيلي
علي الأصولي
جرت حادثة قديمة بين كبير علماء إيران الشيخ البهائي، وزعيم حوزة النجف
آنذاك الشيخ أحمد إلاردبيلي الملقب بالمقدس، ومفادها على ما ذكر السيد المدرسي،
أن الشيخ البهائي قد التقى بالشيخ المقدس في الصحن العلوي، فكانت العادة
الجارية بين العلماء عند الالتقاء هو النقاش في مسائل الخلاف،
وفعلا جرت المحاورة العلمية بينهما لمدة زمنية حتى غلبت حجة الشيخ البهائي
على حجة المقدس الاردبيلي،
مما أبدى طلبة الشيخ البهائي ارتياحا نفسيا باعتبار أن شيخهم وكبير علماء
إيران له مهارة في المباحثات الخلافية العلمية كيف لا ومن كان محاوره بوزن الشيخ
أحمد الاردبيلي،
وانتهى الحوار وكل ذهب إلى مبتغاه،
وفي الفجر لليوم التالي شاء القدر وأن يتصادف الشيخ البهائي بالشيخ
الاردبيلي وكان أحدهما مهما بالخروج من الصحن والآخر مهتما بالدخول فيه،
وهنا استوقف الشيخ المقدس الاردبيلي الشيخ البهائي قائلا: شيخنا إن الرواية
التي استظهرتها يوم أمس كان فيها نقاش وهي غير ناهضة واستدلالك على المدعى،
قال الشيخ البهائي كيف ذلك ؟
قال: الاردبيلي، لجملة من الأسباب منها كذا ومنها كذا ومنها كذا ،
انتبه الشيخ البهائي على نقض الشيخ أحمد واقتنع به جدا،
فقال: شيخنا هذه الأسباب هل كانت عندك أمس حاضرة أم تذكرتها الآن ؟
قال: المقدس، لا ، كانت حاضرة عندي منذ يوم أمس ولكني فضلت عدم طرحها في
النقاش،
قال: الشيخ البهائي، ولم لا وكانت محاورة علمية ونقضك صحيح،
قال: الشيخ أحمد، لم ارغب بكسرك أمام طلاب فأنت عالم إيران وينظرون إليك
بنظرة خاصة ولم ارغب بهذا الإشكال،
قال: البهائي شيخنا لكن أنت ضحيت بعلمك ومستواك،
فرد عليه المقدس، العمر منقضي ولم يبقى منه شيء ( وكان كبيرا في السن ) وسواء
انكسرت أم لا فالأمر سواء عندي،
هذه القصة نقلت وتنقل لبيان الجانب الأخلاقي بين الأعلام،
ومدى حرص الكبار على أهمية العناوين الكبيرة المتمثلة بعنوان الدين أو
عنوان المذهب الذي هو أكبر من العنوان العلمي الشخصي والمرجعي،
نعم: إن تقديم الأولويات في مثل هذه المسائل من الأهمية بمكان، ولكن هذه الأولويات
لا تكن عامة ومطلقة فهي تخضع لتقديرات ظرفية مصلحية، إذ ربما تكون الأولوية هو
الكشف الشخصي عن المستوى العلمي مقدم ملاكا على رعاية العناوين الثانوية
والأخلاقية كما في القصة أعلاه،
فلاحظ وتأمل ولا من
مزيد.....
0 تعليقات