مع المهدي المزعوم
صالح الوردانى
على مستوى الماضي
والحاضر تظهر في واقع المسلمين العديد من الفرق التي تتبنى فكرة أو أطروحة تتعلق
بظهور المهدي(ع) ..
وظهور مثل هذه الفرق
يكون عادة في ظل حالة الركود الفكري واتساع الفجوة بين الإسلام والمسلمين..
وسيادة العفل الروائي
على حساب العقل القرآني..
وهذه الفرق تستغل هذه
الحالة في نشر أفكارها وإثبات وجودها..
من هنا تبرز أمامنا
ضرورة إعادة قراءة الروايات المتعلقة بالظهور وغربلتها..
وإعادة تقييم المناهج
الدراسية..
والتركيز على بناء
العقول..
وفرقة اليماني أو
المهدي المزعوم برزت على أساس العديد من الروايات التي تتعلق بالظهور والتي يكتظ
بها التراث الشيعي..
واستثمرت حالة
التناقض الفائمة في الواقع الشيعي لتبرير قيامها وإثبات وجودها..
إلا أن مثل هذه
الفرقة - كغيرها من الفرق الشاذة -تفتقد إلى المقومات التي تكفل لها الاستمرار
والبقاء..
وهو ما لمسته من خلال
الاحتكاك برموزها ودعاتها..
وتيقن لي من خلال هذ
الاحتكاك بطلان دعواها وضعف طرحها..
وتيقن لي أيضاً وجود
جهة ما تقف من ورائها وتدعمها..
وهى جهة أجنبية
بالطبع..
وقصتي مع هذه الفرقة
تبدأ بما يلي:
في عام 2007م وأثناء
وجودي في مصر دق جرس هاتفي برقم غريب..
ولما فتحت الهاتف إذ
بشخص يخاطبني من دبي..
وهو عراقي الجنسية
ويدعى أبو زينب يحمل الجنسية الاسترالية..
وقال لى بالنص :عندى
لك رسالة من الإمام المهدي..
وأنه قادم إلى مصر
للقائي لإخباري بالتفاصيل..
والتقيت به في أحد
الفنادق بحي الحسين بالقاهرة..
وقال لى مايلي:أن
احمد الحسن الممهد للإمام المهدي قد ظهر..
وأنه قد اختارك..
وأمر بتنفيذ جميع
مطالبك وتوفير مسكن وسيارة لك بالإضافة إلى طبع كتبك..
وكان جوابي هو: لا
استطيع أن أعطيك جواباً قبل أن أتعرف عليكم وعلى أطروحتكم..
فقال لى : الإخوة
ينتظرونك في دبي ، وسوف نرسل لك الدعوة بعد سفري,,
ولم تمض سوى أيام
قليلة حتى خاطبني أحدهم من دبي وأخبرني بأن الدعوة جاهزة ويمكنك القدوم إلينا..
وسافرت إلى دبي..
وبمجرد وصولي إلى
مطار دبي تم القبض علي وإيداعي سجن المطار حيث تبين أنني في قائمة الممنوعين من
دخول الإمارات..
وبعد ساعات تم
الإفراج عنى والسماح لي بدخول دبي..
وما كنت أتوقع أن أجد
أحداً في انتظاري..
وإذ بي أجد سيارة
واقفة على باب المطار يقف أمامها أحد الأشخاص الذي بمجرد أن رآني حتى اندفع نحوي
مرحباً..
وفي داخل السيارة دار
بيننا حوار..
واخبرني أنهم كانوا
يعلمون بوجودي والقبض علي داخل المطار..
وأنهم توسطوا لدى
شخصية كبيرة في دبي من أجل الإفراج عني..
وكانت تلك هى أولى
علامات الاستفهام حول هذه الفرقة..
وسألت مرافقي وهو
عراقي : ماذا تعمل في دبي..؟
فأجابني أنه يملك
شركة لتحويل القمامة إلى مواد كيميائية وأنه يتعامل مع دول أوربية وآسيوية..
وكانت تلك هى علامة
الإستفهام الثانية..
إذا ان مرافقي كان
شاباً في الثلاثينيات وهذا العمر لا يتلائم مع حجم هذه الشركة وعلاقاتها الدولية
الواسعة كما صورها لى..
ووصلنا إلى أحد
البيوت في دبي حيث وجدت مجموعة من الشباب في انتظاري
و تبين لى أنهم
جميعهم من العراقيين عدا واحدا من الصين..
واستقبلني كبيرهم
هناك وهو عراقي أيضاً وأخذ يعرفني بالحاضرين..
ولما وصل إلى الصيني
أخبرني أن له قصة وهى أنه كان يعمل كخادم في أحد مساجد دبي وأثناء صلاة الجمعة
تطرق الخطيب إلى الإمام علي وذكر كلاماً لا يصح في حق الإمام فاعترض عليه الصيني..
وصدر قرار بإلغاء
عقده وترحيله من دبي ولما وصل خبره إلينا توسطنا له عند المسئولين وأبقيناه في دبي..
وصار من أتباع الإمام
احمد الحسن..
وكانت تلك هى علامة الإستفهام
الثالثة حول هذه الفرقة..
أما العلامة الرابعة
فأدركتها من خلال كلام كبيرهم الذي أخبرني أنهم يسعون لتأسيس مسجد خاص بهم في دبي
وأنهم سوف يحصلون على موافقة حكومة دبي قريباً..
ومن خلال هذه
العلامات تيقنت أن وراء هذه الفرقة جهة أجنبية تدعمها..
وأن أحمد الحسن أتخذ
من دبي مقراً له..
وحانت صلاة الجمعة
وأقيمت الصلاة في البيت حيث أقيم..
وتوافد حوالى العشرين
من أفراد الفرقة على البيت لآداء الصلاة بما فيهم الصيني..
وتصدى كبيرهم للإمامة
وجلس للخطبة على مقعد خشبي..
وطوال الخطبة لم يذكر
جملة صحيحة..
ولما انتهى من الخطبة
أم المصلين فأخطأ في القرآن..
وبعد انتهاء الصلاة
تحدثت معه بهذا الشأن..
وقلت له طالما أنت
بهذه الصورة كلن يجب عليك أن تقدم من هو أفقه منك..
أو تقدمني ولا توقع
نفسك في الحرج..
وكان جوابه هو مايلي:
الإمام أجاز لنا التحدث بأي لغة..
وأخبرني أن الإمام له
رسالة في نقد النحو والصرف..
وكانت تلك علامة
الإستفهام الخامسة التي كشفت لى مدى غباء كبيرهم وعدم وعيه بالشخصية التي يخاطبها..
إذ ان هذا الغبي نسى
أنه يتحدث باللغة العربية لا بلغة أخرى..
واللغة العربية لها
قواعدها التي دمرها صاحبنا في خطبته بحجة أن إمامه أجاز لهم التحدث بأي لغة..
وقد قادتني رسالة
إمامهم المزعوم في نقد النحو والصرف إلى علامة الإستفهام السادسة..
وطرحت أمامي السؤال
التالي: كيف يحارب اللغة العربية من يدعى التمهيد للمهدي(ع)..؟
والمهدي سلاحه القرآن
والقرآن لغته العربية..
ومن يحارب اللغة
العربية هو يحارب القرآن..
من هنا لا يمكن أن
يقال مثل هذا الكلام في حق المهدي أو حتى من يمهد له..
وهو ما يدعو للشك في
شخصية هذا الدعي..
وقبل رحيلي من دبي تم
الاتفاق معي على نشر كتب احمد الحسن في مصر..
وتسلمت صورة من هذه
الكتب..
وانتهت زيارتنا لدبي
وتم توديعي من قبل القوم..
ولما وصلت لمصر أخذت
في مراجعة هذه الكتب فوجدتها لا تصلح للنشر..
وهى عبارة عن موضوعات
مفككة بعيدة عن أصول الكتابة وخالية من المصادر المعتمده..
وتحوي نقولات من
التوراة والإنجيل وما يسمى بعلم الحروف الهدف منها إثبات صحة دعوة هذا الإمام
المزعوم..
واتصل بى كبيرهم من
دبي فأخبرته أن هذه الكتب بصورتها الحالية لا تصلح للنشر..
فصاح قائلاً: كلام
الإمام لا يمس..
وكانت هذه علامة أخرى
فهذا الطرح الواهي الضعيف يدل على ضعف صاحبه وزيف دعوته وهو ما يؤدي للحكم
ببطلانها..
وكانت تلك هى نهاية
علاقتي بهذه الفرقة..
وقطعوا صلتهم بى وخاب
مسعاهم في..
وما زاد الشكوك حول
هذا الدعي هو أنه اتصل بى بعد شائعة ارتدادي عن التشيع ، وهو بهذا أراد استثماري
قي ضرب الشيعة كما أرادت جهات سنية أخرى ..
وإذا كان صاحبنا
معصوم كما يدعي أتباعه ، وأنه يلم بالعلم الخاص ويحمل صفات المهدي فلماذا لم يتصل
بى من قبل..؟
هل كان لا يعلم
بوجودي..؟
وإذا كان لا يعلم
بوجودي فتلك علامة على جهله..
وإذا كان يعلم بوجودي
ولم يتصل بى طوال هذه السنوات التي أعلن فيها دعوته فهذه علامة على عدم صدقه وكونه
مغرض..
إلا أن ما يوجبه
علينا الدين والعقل في مواجهة مثل هذه الدعاوى هو أن نعمل بجد على تنقيح تراثنا
وغربلة الروايات التي تتعلق بالظهور خاصة، تلك الروايات التي تفتح الأبواب على
مصارعها للأدعياء والمتربصين بأهل البيت (ع)..
0 تعليقات