علي الأصولي
من المسائل الفقهية التي كثر فيها الجدل بين فقهاء الإسلام عامة وفقهاء
الإمامية خاصة، حول طبيعة الصلاة والصيام في المناطق القطبية وذات الليل أو النهار
الطويل،
ولم تكن هذه المسألة موضع نظر إلا عند المعاصرين لكثرة الابتلاء وهذه
الموضوعة في أزماننا،
وكل فقيه حاول أن يقدم رؤيته وتصوره للتعامل من هذا الموضوع المعقد، خاصة
ونحن نؤمن برتبة سابقة ان مقولة الشريعة لها إمكانية تغطية الواقع في اي مكان
وزمان،
هذه المقولة، وجدت نفسها في حرج والعبادة على مستوى الصلاة والصوم في تلك
الأماكن، وفي سبيل تغطية الحكم الشرعي لهذا الفرض وقع بعض الفقهاء في مطبات القياس
والاستحسان، وحاول آخرون عدم التعدى وفهم النص الحرفي فأوقع مقلديه في مأزق لا اقل
من فتوى ( سافر كل يوم ٢٢ ذهابا ومثلها أيابا لسقوط وجوب الصيام واقض في غير مكان
أو في حال الاعتدال )!
ومن هنا سوف نقوم بمحاولة في تحديد التكليف الشرعي في تلك المناطق، في خصوص
الصلاة والصيام، وإلى الله تصير الأمور
ولتقريب الصورة إجمالا، يمكن بيان ما يلي:
في المناطق القطبية، أو قل في بعض أقطار شمال أوربا يقصر فيها الليل كثيرًا
ويطول فيها النهار كثيرًا حيث تصل ساعات الصيام في بعض هذه البلدان إلى عشرين ساعة
أو تزيد، وكثير من المسلمين يجدون مشقة زائدة في الصيام،
فهم ما بين الصيام المكلف والإفطار المشكل،
فقد ذهب جماعة من الفقهاء إلى التخلص من هذه الإشكالية باللجوء في هذه
البلدان إلى التقدير،
مع ملاحظة: أن في بعض هذه البلدان، أو المناطق، يظل فيها النهار ستة شهور
في الصيف، والليل ستة شهور في الشتاء،
وفي بعضها، يطول فيها النهار إلى عشرين ساعة ، أو ربما ثلاث وعشرين ساعة،
وقد يكون الأمر بالعكس، فيكون الليل عشرين ساعة والنهار أربع ساعات،
وقد اختلف الفقهاء في كيفية صيام أهل هذه المناطق على رأيين سوف نعرضها في
الجملة،
الرأي الأول: يرى القائلون به وجوب صوم أهل هذه المناطق طوال مدة النهار ،
والفطر بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ولا يجوز لهم التقدير، ما دام النهار
يتمايز في بلادهم من ( ومعنى التقدير عندهم هو أن يقدر المكلف البلدان ذات
الاعتدال الطبيعي في الليل والنهار )
وعللوا قولهم بما يلي :
1 ـ قوله تعالى { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } وهذا يدل على وجوب إيقاع الصوم طوال النهار ما بين
طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
2 ـ قولهم بإذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد
أفطر الصائم" وهذا الحديث يدل دلالة واضحة على وجوب الإمساك طوال النهار، ما
بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، طال النهار أو قصر،
الرأي الثاني: يرى هؤلاء أن أهل هذه البلاد التي يطول فيها النهار على
النحو سالف الذكر عليهم أن يلجأوا إلى التقدير ، بحيث يقدروا صومهم بأقرب البلاد
المعتدلة إليهم،
وغيرهم مما هم على وضعهم من طول النهار في شهر رمضان أن يقدروا زمن صومهم
بصوم أهل كربلاء على سبيل الفرض أو أن يقدروا بأقرب البلاد المعتدلة إليهم، وأن
يبدأوا بالصوم مرتبطين بفجر تلك البلاد وليلها ولا يتوقفون على غروب الشمس، بدعوى
ان صيام ثلاث وعشرين ساعة من أصل أربع وعشرين تكليف تأباه الحكمة من أحكم
الحاكمين، والرحمة من أرحم الراحمين،
وعليه: على المكلفين هناك، أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب
بلاد إليهم والتي يتمايز فيها الليل والنهار، وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس
بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة، وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان،
وعليهم أن يقدروا لصيامهم ، فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار
في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم منه وغروب شمسه، في أقرب
بلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار،
هذا بيان ما يمكن بيانه في الجملة،
يمكن تصوير المسألة هكذا :
في السويد - مثلا - يصل طول النهار إلى ثمانية عشر ساعة، مما يجعل المكلف
في حرج ومسألة الصوم، إبتداءا أو اكمالا، خاصة إذا نظرنا إلى المكلف صاحب المهنة
الشاقة أو من بلغ سن التكليف توا،
وهنا لا مانع ونقل إجابات الفقهاء في الجملة ( بتصريف مني )
يرى السيد صادق الشيرازي ان المكلف مخير بين أمرين: وعلى فرض السؤال أعلاه،
أولهما: أما مقاومة ظروف النهار وساعاته الطوال وهو مأجور بالتالي يعني
يشتغل بتكليف بلده الحالي ( السويد ) إمساكا وإفطارا ) - وهذا الفرض ليس على نحو
الوجوب بل على نحو الاستحباب –
ثانيهما: وأما ان يصوم المكلف ويبدأ الإمساك فجرا، ثم يبقى صائما بقدر
ساعات البلدان المتعارفة بالاعتدال، مثل كربلاء، ويفطر مع آذان كربلاء وأن كان في
السويد عنده نهارا،
ولم يختلف السيد صادق الروحاني عن جواب السيد الشيرازي إلا بالصياغة.
0 تعليقات