آخر الأخبار

مهدويات: وضع اليد على الرأس(4)









عز الدين البغدادي

سألني أحد الإخوة عن معنى ومشروعية وضع اليد على الرأس والقيام عند ذكر اسم الإمام المهديّ (عج)، وقد شاع هذا جدّاً بين الناس لاسيّما في المجالس التي يجتمع فيها خلقٌ من الناس للذكر والدعاء.


وقد أجبته بأنه لا يوجد أصل شرعيّ لهذا الفعل، ولا يوجد عليه أي دليل... والعجيب أنّ المحدّث النوري عندما ذكر هذا التصرّف باعتباره من حقوق المهديّ على المؤمنين قال: وهذا كاشفٌ عن وجود مصدر وأصل لهذا العمل ولو أنّي لم اعثر لحدّ الآن عليه، ولكن المسموع من عدّة من العلماء وأهل الصلاح أنّهم رأوا خبراً في هذا الباب، ونقل بعض العلماء انّه سأل عن هذا الموضوع العالم المتبحّر الجليل السيد عبد الله سبط المحدّث الجزائري، وقد أجاب هذا المرحوم في بعض تصانيفه انّه رأى خبراً مضمونه انّه ذكر يوماً اسمه المبارك عليه السلام في مجلس الإمام الصادق عليه السلام، فقام عليه السلام تعظيماً واحتراماً له. (النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجّة الغائب 475.).


ولا أدري إذا كان محدّثا متبحّراً مثل النوري عجز عن أن يجد دليلا حتى لجأ إلى قيل ويقال، فما هذا الدليل المختفي بحيث لا يستطيع أحد أن يعثر عليه؟ حتى أنّ ما لا يحصى عدّاً من الروايات الموضوعة لم يجد فيها شيئا يمكن أن يُسعف من استدلّ لذلك.


وأما المامقاني فقد استدلّ لذلك بخبرٍ مرويّ عن المفضل بن عمر، فقال: إنّه يستحب عند سماع ذكر الحجّة المنتظر أرواحنا فداه وضع اليد على الرأس والقيام والدعاء له بالفرج تأسّياً بالرضا (عليه السلام) حيث أنه فعل ذلك، وأقلّ ما يدل عليه مثل هذا الفعل هو الاستحباب. أما الكبرى فواضحة، وأما الصغرى فلما حكاه في أواخر جلد أحوال الحجّة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) من "الدمعة السكبة" في ذيل خبر المفضل الطويل عن الشيخ محمد بن عبد الجبار في كتاب "مشكاة الأنوار" من أنّه قال: لما قرأ دعبل قصيدته المعروفة على الرضا (عليه السلام) وذكرَه عجل الله تعالى فرجه؛ وضع الرضا (عليه السلام) يده على رأسه وتواضع قائما ودعا له بالفرج. (مرآة الكمال 2- 306).


وهنا ننظر في هذا الدليل، فالخبر مرويّ عن المفضّل بن عمر وهو ضعيف، بل لا تكاد تجد حديثا واهي المتن إلا وفي سنده هذا الرجل، وهو ضعيف غال كما هو معروف من شأنه، قال عنه النجاشيّ: كوفي، فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به. وقيل إنه كان خطابيا. وقد ذُكرت له مصنفات لا يُعوّل عليها. (الفهرست 416).


وقال عنه ابن الغضائري: ضعيف، متهافت، مرتفع القول، خطابي. وقد زيد عليه شيءٌ كثير، وحمل الغلاة في حديثه حملا عظيما ولا يجوز أن يكتب حديثه. (الضعفاء 82.)


كما ذكر الطهراني (الذريعة 21-54) أن عبد الرضا بن محمد البحراني ذكر القصة في كتابه "تأجيج نيران الأحزان في وفاة سلطان خراسان"، وزعم أن الإمام الرضا وقف ووضع يده على رأسه عندما سمع ذلك من دعبل. إلا أنّ البلادي ترجم لهذا الشخص، وذكر كتابه وكتابا آخر، وقال عنهما بعد ذلك: وأورد فيهما أحاديث غريبة وأخبارا نادرة وأقاصيص عجيبة، لم نقف على كثير منها في الكتب المعتبرة والسير المشتهرة والتواريخ المنتشرة. (أنوار البدرين في ترجمة علماء القطيف والإحساء والبحرين 330.)


هذا حال الكتاب الذي يستدل به، أوهن من بيت العنكبوت..


كما أثبت الاستحباب النمازي الشاهرودي، فقال: ويستحب القيام عند ذكر هذا اللقب لما روي في كتاب "إلزام الناصب" عن "تنزيه الخاطر": سُئل مولانا الصادق صلوات الله عليه عن سبب القيام عند ذكر لفظ القائم (عليه السلام) من ألقاب الحجة، فقال: لأنّ له غيبة طولانيّة، ومن شدّة الرأفة إلى أحبّته......الخ. (مستدرك سفينة البحار 8- 628)


وهو لم يذكر سندا حتى يمكن أن ينظر فيه، والأغرب أن الكتاب الذي ذكره "تنزيه الخاطر" لم يعرف مؤلفه، وبالتالي ليس لدعواه ودليله أي وزن.


وأما دعوى أن الإمام الرضا فعل ذلك أي قام ووضع يده على رأسه لما قرأ دعبل تائيته وذلك عندما بلغ قوله:

خروجُ إمامٍ لا مَحالةَ خارِجٌ يقومُ على اسمِ الله والبركاتِ
فغير ثابت، وقد روى الصدوق الخبر، دون أن يذكر ذلك. (عيون أخبار الرضا 1- 296.)

إرسال تعليق

0 تعليقات