هادي جلو مرعي
تغيرت حياة الناس بالفعل، وصار كثر منهم لايستطيعون الوصول الى أعمالهم،
وهناك ملايين من المواطنين العاديين ممن لايملكون شيئا، وهم فقراء، ويعملون بأجور
يومية، وهناك المرضى أيضا، والمعاقون والعاطلون عن العمل، والذين لايجدون أسباب
العيش الكريم، والآمن بسبب الحظر الذي أرغم سكان الكوكب على ملازمة بيوتهم، وليس
كل هولاء يملكون المال والطعام، وهم يواجهون خطر الجوع والأذى، والحديث الشريف
والمشهور يقول: لولا الخبز لما عبد الله.
ليس كل الناس إدخروا الأموال في زمن الرخاء، وليس كلهم لصوص وحرامية يضعون
أموالهم في بنوك وإستثمارات. فغالب الناس تضيع حقوقهم، بينما ينتفع القليل من
السياسيين، والتجار، وأصحاب الشركات، والفاسدون، والذين يحصلون على رواتب عالية،
والموظفون الكبار وأصحاب الإمتيازات، وهناك ملايين الأطفال اليتامى بسبب العنف
والحروب والفوضى، وهناك الأرامل، والمطلقات، والعاجزون عن الحركة بسبب المرض
والإعاقة، والذين إنقطعت بهم السبل، وعمال الأجرة، وسائقوا التاكسي، والعاملون في
قطاعات مختلفة من الذين لو توقفوا عن العمل لأسبوع فإنهم سيواجهون الجوع والحرمان
والإذلال والإهانة.
تكية أم علي منظمة خيرية تواصل دعم مئات آلاف المواطنين في دولة عربية
مجاورة، ويقول القائمون عليها: إنهم يستهدفون الوصول الى ثلاثمائة ألف أسرة بحاجة
الى الدعم طيلة فترة حظر التجوال في زمن الكورونا، وهي مؤسسة من ضمن عشرات
المؤسسات في عالمنا العربي التي تسد ثغرات في أداء النظام السياسي الذي يفشل غالبا
في توفير متطلبات الحياة الكريمة.
يبدو المجتمع الإنساني بحاجة الى الخيرين فيه، والطيبين، وحتى السيئين
الذين يتحركون وقت الضيق، وليس الجميع لديه الإستعداد ليدفع المال، ويحكى على سبيل
الطرفة إن إماما لمسجد طلب من المصلين أن يقدموا مايستطيعون لترميم مسجدهم، ولكنهم
جمعوا مالايكفي، وحين مر الإمام برجل معروف بشربه للخمر سأله عن سبب إنزعاجه؟
فأخبره بالقصة، فقدم الرجل أضعاف مايحتاجه المسجد، ولاأعلم إن كان قبل منه المال،
أم لم يقبل فالإنسانية أكبر من التدين، وهذا مافعله الفنانون والرياضيون والقساوسة
والعاهرات وأصحاب دور الموظة والعطور في إيطاليا وأوربا حين تبرعوا بفنادقهم
وأموالهم ومؤسساتهم لتكون مستشفيات مؤقتة لمعالجة المصابين بكورورنا، وهذا لايعني
إن المتدينيين سيئين ولكنهم لم يكونوا يملكون المال الكافي، ولو كانوا يملكون
لقدموا ماإستطاعوا.
0 تعليقات