آخر الأخبار

كورونا الذي أفرغ الأرض من سكانها ..









هاني عزت بسيونى


.. من كان يتوقع ذلك .. رسالة من رب العالمين لتجديد الإيمان بالله الواحد الأحد والعودة إلى صحيح الدين في أخلاقنا بعيداً عن ذلك التصور المهني الظاهري للعبادات .. انه صحيح الدين ..



ومن سنين خبرات حياتي استخلصت أن الدين ليس مهنة أو حرفة ولا يصلح أن يكون ولايوجد في أي دين وظيفة اسمها "رجل دين" ومجموعة الشعائر والمناسك التي يؤديها اي إنسان متدين بأي دين سماوي لو تمت بروتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ودونما إحساس من القلب وإدراك من العقل فلن تكون من صحيح الدين في شيء …



الدين الصحيح شعور وجداني .. وإحساس بالغيب .. وإدراك روحاني بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عُليا تٌدبر وتدير كل شيء .. وأنه لا مهرب لظالم ولا إفلات لمجرم .. وأننا مسئولون عن مانفعل وسنُحاسب .. فنحن لم نولد عبثاً ولا نحيا ُسدى ، وأن موتنا ليس نهايتنا وإنما ... سيُعبر بنا إلى حيث لم نر بعد إلى غيب " عالم البرزخ " من حيث جئنا من غيّب ...


هذا الإحساس يموج بالرهبة والتقوى والورع ويدفع إلى مراجعة النفس ويحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئاً ذا قيمة مضافة للوجود ويصوغ من نفسه وجوداً أرقى في كل لحظة متحسباً لليوم الموعود الذي يلاقي فيه الملك العظيم ربه مالك الملك الواحد الأحد الفرد الصمد ، الإحساس بالمسئولية والشعور بالحكمة والجمال والنظام في كل شيء ...



"الدين" هو الوجودية المتجددة ، والمعاناة الخلاقّة المٌبدِعة ، والشعور المتصل بحضور مقبل لميلاد الإنسان إلى ما بعد الموت ...



ثم تأتي العبادات والطاعات وافعل ولا تفعل ، شواهد وأدلة على الحالة القلبية ..



والتدين الصحيح هو جوهر الشعور وليس مظهره .. إنه ما يشغل حنايا القلب ويجول بالخاطر ويغلب على المشاعر وما تختاره الفِطرة في اللحظة الحاسمة وإلى أي كفةِ روحانية تميل …



تلك هي المؤشرات التي تدل على حال صحيح الدين والتدين والإيمان من عدمه ، وهي أكثر دلالة من حركات الصلاة الشكلية التي قد تؤدى في شكل تمارين رياضية دون تواصل روحاني ، ولهذا قال ربُنا عز وجل في القرآن الكريم ...


بسم الله الرحمن الرحيم ” اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ” صدق الله العظيم ..


إنك إن ذكرت الله حققت فطرتك ، وإن ذكرت الله اطمأننت إليه ، وإن ذكرت الله سعدت بقربه ، وإن ذكرت الله زال عنك الخوف والقلق والحزن والضياع والتشتت والتبعثر والضيق والشعور بالوحشة وبالفقر وكل المشاعر المدمرة التي تحيل حياة الإنسان جحيماً من فحشاء ومُنكر .. لأنك عرِفت الله عز وجل ورأيته في مخلوقاته ...


ولكن كيف نرى الله !؟ ..


.. على اتساع التاريخ نرى الله في تقلب الأحداث و تداول المقادير ...
وعلى اتساع الكون نرى الله ....


نراه في النظام والتناسق والجمال كما نراه في تلاشي النجوم في الفضاء البعيد وفي خصوصية النفس نراه ، وفيما يتعاقب على النفس من بسط وقبض وأمل وحلم وفيما يلقى في القلب من خواطر حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه وبين ربه طول الوقت بمناجاة دون كلمات .. !



فكل حدث يجري حولنا هو كلمة إلهية وعبارة ربانية ، وكل خبر مشيئة ، وكل جديد هو قديم في علم الله ، وهذا هو التصعيد الوجودي والعروج النفسي المستمر والمعنى الحقيقي للدين ..


وتلك هي الهجرة إلى الله ...


صحيح الدين ليس مجرد كلمة في البطاقة الشخصية أو تمتمة ودروشة وتهليلة من البعض في الموالد !! ...


فقد يباشرها ممثلا في دراما بإجادة تامة ربما أكثر من أصحابها ممن يحملون الرايات واللافتات والمجامر والمباخر كما تفعل الجماعات المسماه جهادية والتي يتخفي وراءها التآمر والمكر السياسي والفتن والإرهاب والقتل باسم الدين ..

هم ليس لديهم اي صِلة بالدِّين إنما يتاجرون به سلعة وشعار "سياسي" لكسب العامة !؟


وخلاصتي في فهمي لصحيح ديني انه ..

علاقة خاصة بيني وبين ربي أعامل بها الناس بمكارم حُسن الخُلق ورضى اللّه ولم ولن يكون ِحرفة أو وظيفة أو إسم في بطاقة أو رسم لشعار في مؤسسة أو زياً يُرتدى …


إنه ماوقر في قلبي وصدقه صحيح إيماني وصدقُ عملي وعقلي ..
والشخص المتدين ..


نجده خاضع متواضع سليم القلب سريع إلى ذكر الله زاهد في كل شيء سوى الله .. راغب في كل ما يقرب إلى الله .. لا يفرح بموجود ولا يأسف على مفقــــود .. لا يتدخل فيما لا يعنيه ولا يبخل بما لا ينقصه .. وصفته الصدق والعفة والإيثار والتواضع والحلم والوقار ..لا ُيعاتب ولا يخاصم ولا يطالب ولا يرى له على أحد حقاً .. مقبل على شأنه ، مكرم لإخوانه ، حافظ للسانه ..


سبحانك يارب جددت لنا إيماننا بمخلوق اصغر من أن نراه بالعين المجردة .. قطرة من قطرات على رقعة الإيمان .. جعلنا الله وإياكم منهم ورزقنا أخلاقهم ..

إرسال تعليق

0 تعليقات