علي الأصولي
لو بحثنا يمينا
ويسارا في مكنونات النفس لأي تنويري بصرف النظر عن دينه أو مذهبه فسوف تجد أنه
مسكون بأزمة التراث،
ولذا تجده لا ينفك
وازدراءه بشتى أنواع الازدراء بذريعة عدم قيام الدليل عليه، مع أن عدم قيام الدليل
لا يعني عدم وجود الدليل، ولذا أجد أن أصل النزاع هو في قيمة دليل الإثبات والنفي،
خذ مثلا وأنت تتردد
في مقالات العسر تجدها منصبة لهدف واحد وهو نفي الإمامة الإلهية الآثنى عشرية ( وبحسب
تعبيره بعرضها العريض ) يعني بملحقاتها وملازماتها ( طبيعة الإمامة مساحتها عصمتها
) ونحو ذلك،
بل بدأ الزحف إلى نفي
إمامة الإمام الثاني عشر اعني المهدي المنتظر (ع) ودليل دعوته بنفي المهدوية نفس
دليل دعوته لنفي الإمامة الإلهية الشيعية، وبالتالي المتهم واحد وأن اختلف اسمه
وعنوانه ( المؤسسون ).
يعني أصحاب الأئمة (ع)
وبالخصوص المتكلمين والغلاة وأرباب الوكالات المالية، ونتيجة صراعاتهم المذهبية
تكون المذهب الشيعي الإمامي الآثتى عشري في قرون عصر الازدهار البويهي الشيعي،
هذه هي القصة باختصار
شديد عند العسر،
لا يعنيني العسر كفرد
بل ما يعنيني هو المنهج فهو ليس ببدعا عما سبقه وليس ببدعا عما من سيأتي بعده،
المشكلة عندما يطرح
مقالا أو مجموعة مقالات على المتلقي لا تطرح بشكل عشوائي وغير ممنهج بل يتم الطرح
وفق مناسبات معينة وآليات خاصة في العرض مع القليل من ( البهارات ) لإضفاء طعم
ونكهة للمتابع من قبيل.
قول التنويري ( أن
هذه النتائج قد تولدت عن بحث طويل، وعناء شديد في النظر في أسانيد الأحاديث،
وطرقها، وتم عرضوها على محكمات القرآن الكريم أو العقل القراح على أننا سنقف على
هذه الدعوى وبيان الكذب الذي اعتراها فانتظر).
ولو تراجع الواقع تجد
أن العرض تم فعلا لكن لا على القرآن ولا على ما صح من السنة ولا على العقل القراح !
بل تم العرض فعلا عن الأمزجة
والقبليات والذوق المادي والتعامل مع المفاهيم التراثية،
خذ مثلا العسر لم
يستطع دفع السنة بوجود أئمة خلفاء النبي (ص) ولكن مع ذلك ذهب صوب تحجيم مفهوم
الإمامة !
ولم يقدر على إنكار
قضية المهدي - سواء العسر أو الكاتب إذ هم بالتالي في سلة واحدة - لكنهما ذهبوا
إلى إنكار قصة الولادة التاريخية!
القاعدة الذهبية التي
من خلالها يتحرك عامة الاتجاه التنويري هي القاعدة العمرية (حسبنا كتاب الله) وأن
اختلفت صيغها وألفاظها لكن من ناحية المعنى الدلالي والمؤدى واحد !
بيد أنهم نسوا أو
تناسوا أن الإشراف العام على الكتاب فهما وتطبيقا هو نفس الرسول (ص) من خلال سنته
العلمية والعملية، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ
مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وقال: { وَمَا
أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا
فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64]
وقد ورد في الحديث
وصف لأمثال هؤلاء أصحاب الاتجاه التنويري، فقد قال (ص) (لا ألفين أحدكم متكئا على
أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول لا ندري، ما وجدنا في
كتاب الله اتبعناه) رواه الترمذي،
وعن الحسن بن جابر
قال سمعت المقدام بن معدي كرب يقول: حرم رسول الله (ص) يوم خيبر أشياء، ثم قال: (يوشك
أحدكم أن يكذبني، وهو متكئ يحدث بحديثي؛ فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا
فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إن ما حرم رسول الله
مثل ما حرم الله) رواه الترمذي،
ومن خلال استقرائي
لمقالات العسر ومنهجيته العامة وجدت أن مشكلته تتعلق بالتراث السنتي من جانبين:
أولاهما: حول حجية
هذه السنة بلحاظ ارتباطها بأهل البيت (ع)
والثاني: مناقشة هذه
السنة وتضيقها وتوجيهها وما يناسب فهم الخصم إذا كانت مرتبطة بالنبي (ص) هذا ملخص
الكلام ...
0 تعليقات