آخر الأخبار

فقه أصول المنهج













علي الأصولي




هذا الكتاب هو شرح على الجزء الثالث من كتاب ( منهج الأصول ) للسيد الشهيد السعيد محمد محمد صادق الصدر ( رض) أسأل الله أن يكون خطوة في سبيل تعزيز الجهد الأصولي، لمدرسة السيد الشهيد السعيد محمد باقر الصدر (رض) وهو يعتبر جزء من الوفاء مع قلة البضاعة بل ومزجاتها للمرجع الديني آية الله العظمى الشهيد الصدر ( رض) .


لماذا مبحث الأوامر ؟ بحث السيد الصدر بحث الأوامر في الجزء الثالث، فكان كالأتي:


 مبحث الأوامر: في مادة الأمر ، الجهة الأولى: في اعتبار جهة العلو في الأمر ، الجهة الرابعة: مبحث اتحاد الطلب والإرادة ، مبحث الجبر والتفويض ، أطروحات الأمر بين الأمرين ، الكلام في: صيغة الأمر ، المبحث الأول: في تحديد معناها ، المبحث الثاني: من صيغة الأمر ، المبحث الثالث: في ظهور الجملة الخبرية في الوجوب، المبحث الرابع: في الكفاية ، انتهى.



 هذه هي مطالب الجزء الثالث فيما يخص مبحث الأوامر ، ومعلوم أن هذا المبحث من المباحث الأصولية المهمة جدا في البحث الأصولي ، بلحاظ أن أصل الشريعة وفصلها المقوم قائم على أوامر ونواه ، ولما فيه من مادة علمية غنية ولمعروفية ان السيد الشهيد الصدر ، صاحب أسلوب في الكتابة والطرح يعتمد بشكل كبير على كثرت التفريعات بحيث لو لم تكن ذا مسكة وأنت تتبع هذه التفريعات والتشققات لضاع عليك أصل المطلب في أتون الوجوه والمستويات ، واجد ان هذا النوع من التفريعات المبتكرة في عالم التصنيف تكشف عن جهد استثنائي لصاحبه وتمتع بافق واسع للمسألة الواحدة ، وهو بالتالي اي هذه التفريعات تنمي الملكة الأصولية للطالب فإذا سيطر على الكثرة الكاثرة من هذه التفريعات فهو على غيرها من مباحث المدارس الأصولية أقدر ، إذ أن من سيطر على العالي هان عليه ما دونه كما يعبرون ، ومع هذه التفريعات المتعددة سوف تجد أن السيد الشهيد الصدر الثاني ، تارة يبحث في المسألة الأصولية الواحدة أو في الموضوع الأصولي الواحد المبحوث حصص للغوية وكلامية وفلسفية وقرآنية تفسيرية ، لان شغل المجتهد هو الاستنباط وعدم التقليد ولا يجعل المسألة الكلامية الفلسفية مثلا في البحث الأصولي معلقة على رأي نصير الدين الطوسي أو الملا صدرا ، أو في بحث اللغة العربية إن لا يعتمد كثيرا على قول اللغوي ما لم يصل لنفس النتيجة التي وصلها سيبوية مثلا ، لان السيد الشهيد من ضمن آراءه التي وقع فيها الجدل أن يكون الفرد مجتهدا في كل ما له دخالة في الاجتهاد ، من اللغة ونحو وتفسير وتأريخ ونحو ذلك ، فمثلا في بحث الأوامر تجد هناك مبحث خاص في مسألة الجبر والتفويض التي وقع فيها كلام ما بين الأشاعرة والإمامية من جهة بل ومن نفس الإمامية من جهة أخرى بتقريب كيف نفهم هذه المسألة وترتيب موضوعة الأمر بين الأمرين ، وعلى حد علمي أثار المسألة بشكل واسع الآخوند الخرساني في كتابه ( كفاية الأصول ) وبحث الإرادة والقلم ووصل إلى نتيجة سميت بينهم ( الجبر الاخوندي ) فقد ضاق الخناق على نفس الآخوند ولم يبت بالمسالة مع ما له من باع أصولي وفلسفي واسع ، ومن عصره بحثت المسألة على نطاق واسع وقدمت نظريات مختلفة على ما سوف تعرف في هذه الأوراق ، في سبيل تصحيح أو تخطأت ( إنكسار القلم الآخوندي ) على حد تعبير صاحب الكفاية ، إلى أن جاء أستاذنا الشهيد الصدر الثاني وقدم رؤيته في ذات الموضوع وطرح نظرية ( الإرادة الحرة ) على ما سوف تعرف إن شاء الله تعالى ،

( مبحث الأوامر )


 قال الماتن: يوجد إشكال - شكلي - في استعمالهم العنوان هنا مجموعا، اعني بصيغة الأمر، في حين أنهم استعملوه في الأبواب الأخرى مفردا، كالصحيح والأعم والمشتق والمقيد والعام والخاص وغيرها، مع العلم أنها بدورها أسماء أجناس تدل على الكثير من مصاديق، فإن كان يكفي أسم الجنس، فلماذا الجمع هنا؟ وفي عنوان - النواهي - أيضا كان لا يكفي فلماذا الإفراد في سائر الموارد، أقول: ( أشكل السيد الشهيد على الأصوليين في الاستعمال العنواني لصيغة الأمر مجموعا، بينما لم يلتزم هؤلاء اعني الأصوليين في الأبواب الأخرى صيغة الجمع بل استعملوه مفردا، وذكر ( رض) بالقول مع العلم أنها بدورها أسماء أجناس، وهو ما دل على أكثر من مصداق، كما قرر في المنطق، ما يهمنا في المقام هو أن هذا _ الإشكال - لا ثمرة فيه سواء تم أو لم يتم، وهذا واضح من نفس العنوان الذي ذكره في المتن - يوجد إشكال شكلي - وطبيعة الإشكالات الشكلية لا تؤثر في النتيجة النظرية إلا بلحاظ فني، ولا في العملية، وما نحن فيه من قسم النظري لا العملي، وعلى أي حال حاول الماتن، أن يوجه كلام من استعمل العنوان مجموعا وبصيغة الجمع ولكن أثار عليه جملة من الإيرادات.



قال الماتن: فإن قلت: لعل الجمع بلحاظ الأصناف والإفراد بلحاظ الأفراد، فإن اسم الجنس، يدل على الأفراد دون الأصناف، قلنا: أولا: إن اسم الجنس يشمل أفراد الأصناف كلها، وهذا يكفي، وأن لم يكن دالا على الأصناف بعناوينها التفصيلية، ثانيا: إن بعض ما استعملوه مفردا، كالمشتق له أصناف، وهي أنواع المشتقات، وكذلك أنواع العبادات في الصحيح والأعم، ثالثا: إن بعض - أو كل - ما استعملوه بصيغة الجمع ليس له أصناف، بل هو نوع كلي واحد، كالنواهي، بل الأوامر أيضا، لأن أصنافه قد لا تزيد على أثنين هي الجملة الإنشائية والجملة الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء، فيكفي في بيانها اللفظ المفرد، أقول ( حاول الماتن أن يوجه كلام من أستعمل العنوان بصيغة الجمع في باب الأوامر دون الأبواب الأخرى كالصحيح والأعم والمشتق ونحو ذلك، ومفاد هذا التوجيه بعد افتراض - فإن قلت - أن الجمع صحيح غايته للحاظي، غير ان الماتن لم يتوافق وهذا التوجيه، لأمور منها : ان اسم الجنس شامل لكل أفراد الأصناف، وعليه فالتوجيه اللحاظي غير ناهض لوجود اسم الجنس الشامل، ومنها : أن بعض الاستعمالات لها أصناف كما في المشتق - فيمكن أن يعبر عنها بالمشتقات مثلا، بينما نجدهم استعملوا في بعض هذه الأبواب المفرد والجمع ممكن كما تلاحظ، ومنها: ان بعض او كل ما استعملوه بصيغة الجمع ليس له ( أصناف ) بل هو نوع كلي واحد كالنواهي بل الأوامر أيضاً لان أصنافه قد لاتزيد على اثنين هي الجمله الإنشائية والجملة الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء فيكفي في مقام بيانها اللفظ المفرد، ومعناه: أن الماتن أراد بقوله هذا، - ليس له أصناف - هو نفي اقل الجمع، عن أصناف الأقسام المنضوية تحت المقسم، وقد بين الماتن هذا المعنى بذكر - بل هو نوع كلي واحد - والكلام في هذا المقام هو في صيغة الجمع، ومن ضمنها الأوامر، وأقل الجموع تحت ما يسمى المقسم منتفيه في المقام، لأنها ببساطة لا تزيد عن - الجملة الإنشائية والجملة الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء - وعليه: يرتفع توهم مما ذكره الماتن بقول - ليس له أصناف - وقوله - لأن أصنافه قد لا تزيد على أثنين - لان ذكر - لأن أصنافه - فهو إشارة للمقسم، المعبر عنه بشكل غالبي، بالجمع وأن كانت أقسامه اقل من ثلاثة كاثنين، بعبارة أخرى، أن ذكر المقسم وإرادة الاثنين منه ليس بالعزيز في اللغة، فصيغة الجمع بالمقسم لا يلزم منه ذكر ثلاثة أقسام، إذ يمكن ذكر ذلك من باب نفي اقل الجموع، ولذا يمكن التعبير عن أقسام الكلمة بقولك - فعل واسم وحرف - ويمكن كذلك أن تعبير أقسام الضمير - ظاهر ومستتر - وكما ترى عبرنا عن الأقسام بالثلاثة وعبرنا كذلك عن الأقسام بالاثنين مع دخول صيغة الجمع لكل من المثالين، وقول: الماتن - قد لا تزيد - ربما يظهر منها الترديد، وهذا الاستظهار التريدي لا يستقيم مع إرادة نفي الأصناف، على ما افهم أنها ترجع إلى بداية جملة الماتن - ان بعض أو كل ما استعملوه بصيغة الجمع ليس له أصناف - والكلام في المقام يطول اتركه للاختصار ).







إرسال تعليق

0 تعليقات