هانى عزت بسيونى
في زمن ما من أيام الزمن الجميل كنت امتلك حوض لتربية اسماك الزينة في
منزلي ، وذات يوم ماتت إحدى الأسماك وانزعجت بقلق فلربما كانت مريضة وبالتالي سوف
تموت بالعدوى بقية الأسماك ..
فماذا افعل !؟
بدأت أفكر … هل استخدم الأدوية لعلاج اسماك حوضي أم ماذا افعل ؟..
أيقنت انه من الأفضل أن لا افعل ، وتيقنت أن الفعل الأنسب هو أن أعالج
الماء الذي تعيش فيه الأسماك كي تنجو جميعا ..
أتدرون لماذا ؟..
لأنها رسالة من تلك السمكة بمضمون أود أن تشاركونني فحواها ، مفادها أن
العدو الأول الذي يقف أمام نجاحك في كل حياتك هو أن تعالج المياه التي تعيش فيها
السمكة المريضة لا أن تعالج الأخيرة ، وهو الأمر الذي ينسحب على كل نواحي الحياة
التي نعيش ، فإذا كنت تريد علاج ما تعاني منه بالتغير وتحسين حياتك للأفضل فأول
شيء يجب أن تكون على وعي به هو ما يحيط بك وبمن تحيط نفسك به من أشياء وأشخاص في
مياهك التي تعيش .
معظم البشر يحاولون تحسين حياتهم سواء بكسب المزيد من الأموال أو بزياد
دخولهم المادية ليكونوا أكثر سعادة من وجهة نظرهم أو تغير كل أو بعض من ذلك للأفضل
من دون تغير بيئتهم المحيطة ، وهذا هو المستحيل لأنهم مازالوا يضعون أنفسهم في
بيئة الفشل ذاتها فهم يريدون التغير لكن في البيئة السامة التي لن تسمح لهم بذلك
لأن البيئة ذاتها هي التي تحتاج للتغير ليحدث التغير ..
فكانت رسالة تلك السمكة المريضة للإنسانية فيما يلي ..
أول شيء يجب أن تفكر به هو التخلص من محيطك ليس جسديا فقط إنما عقلياً أيضا
ومنه مكان عملك والأصدقاء من حولك الذين تقضي معهم وقتك إلى غير ذلك مما يحيط بك
وبعقلك ..
ولكن هل يعني ذلك ان تنتقل من مكانك ، وماذا إن لم تكن تستطيع ذلك ؟ …
الإجابة بنعم .. يجب عليك ان تجد الوسيلة لتغير الطريق والمكان والمحيط بك
إذا أردت أن تنجح لان أولى خطوات النجاح ان تضع نفسك خارج البيئة المسممة تلك فلو
أردت الفوز في مباراة أو مسابقة فعليك أولاً ان تتعلم كيف تمارس اللعبة .
ولكن ماذا عن الأصدقاء ومنهم القدامى الذين نشأت معهم ، فلابد ان تسأل نفسك
سؤال ، هل هم بالمكان الذي تريد ان تكون أنت فيه ..فـ هناك مثل يقول ارني أصدقائك
وسأريك مستقبلك ، وهو صحيح جدا لانه لابد ان تتأثر بأصدقائك فالمرء على دين خليله
في كل أمره ، فإذا كانوا يشكون ويتململون فستكون مثلهم وبالتالي لابد ان تتخلص من
ذلك ليس بمقاطعتهم إنما بقضاء اقل وقت ممكن معهم ..
ولكن ماذا لو كانوا من عائلتك !؟ …
من الطبيعي ان تحبهم وتتواصل معهم ولكني اعتقد ان يكون ذلك عن بعد حتى يكون
تأثيرهم على قراراتك اقل ، فالبعض سيقول لك لماذا لا تدرس تخصص كذا ولماذا لا تكون
مثل أبيك بكذا أو لماذا لا تكونين كأمك بكذا أو ابن عمك فلان بكذا إلى آخره ... هم
لا يفهمونك عن ماذا تريد ويمارسون عليك أفكارهم فقط ولا يستمعون لأفكارك ولا يرون
مدى طموحك ، وبالتالي من الصعب عليك ان تصارع أفكارهم لتغير رؤيتهم لك أو قناعاتهم
بك وستبذل من طاقتك الكثير دون جدوى ، فأصعب الأشياء هو التغير في مفاهيم عقل شخص
ما ... وسيكون الحل فقط في الابتعاد عنهم بالقدر الذي لا يؤثر على علاقتك بهم ،
فنحن لا نختار أفراد عائلاتنا لكننا نستطيع اختيار مقدار الوقت الذي نقضيه معهم
تصديقا لمبدأ إذا كنت تريد التغير فتعامل مع الماء … بيئتك … فقوة إرادتك هي مفتاح
التغير .. زوجتك ، زوجك ، خطيبتك ، خطيبك … هل هو أو هي داعم لأهدافك وما تريد
القيام به ؟..
سؤال هام لا يجب ان يغيب عن طريقة تفكيرك لانه مفتاح لكل ما هو قادم من
حياتك ، فـ جميعنا نرى هذا كثيرا في الأزواج ، فأحدهم يريد ان يفعل شيئا والآخر
أمراً معاكساً أو مختلفاً ، ربما بسبب البرمجة السلبية من الماضي لكل منهم أو
لغيرها من الأسباب … لكن هذا لا يعني ان الاختلاف أمر سلبي دائماً بالتأكيد فكل
مياه لها أسماكها التي تعيش ، البحر والمحيط والنهر وحوض السمك في المنزل .. فإذا
كان هناك شخص ذو طاقة سلبية تجاه خصائصه فلا تقضي الوقت معه وابتعد ، ابتعد
بالطريقة الأفضل في اتجاه آخر حتى لأتفقد طاقتك معه ، ولا تسمح لأحد ان يجبرك على
ذلك أو اقل منه مثل مشاهدة برنامج أو قراءة كتاب لا تريده أو مقاطع الفيديو التي
تشاهد والمناسبات التي تحضر ... لان جميعها وغيرها تصنع الفارق في حياتك … فلا
تسمح لأحد ان يفرض عليك أفكاره أو الاستمرار في أمر لا تريده …
والخلاصة ان يكون لك دائما حرية الاختيار فمن السهل جداً ان تصنع أعذار
لفشلك في حين انه من الصعب تقديم نتائج جيدة لنجاحك والذي يحتاج دوماً للمثابرة ..
لقد كانت رسالة السمكة المريضة عظيمة حيث أوصت انه إذا كان السمك مريضاً
فلا يجب ان تعالج السمك ولكن يجب عليك ان تعالج المياه التي فيها يعيش … !
0 تعليقات