د. محمد ابراهيم بسيوني
عميد طب المنيا السابق مصر
تحذيرات من البنك الدولي تعطي صورة قريبة للمشهد الاقتصادي العالمي. فقد
أعلن البنك أنه يتوقع أن يلحق الوباء أضرارا بالغة بجهود مكافحة الفقر في جنوب شرق
آسيا والمحيط الهادئ، وأن ينضم أكثر من 11 مليون شخص في هذه المنطقة الي فقراء العالم.
الضربة المشار إليها، تتعلق بأنه كان يتوقع أن يخرج أكثر من 24 مليون شخص من حالة
الفقر في العام الجاري. أي إن هؤلاء سيظلون يعيشون بأقل من 5.5 دولار في اليوم
الواحد. علما أن هذا السيناريو هو الأكثر تفاؤلا في حين تشير سيناريوهات عديدة إلى
ارتفاع عدد هؤلاء في العام الحالي لمستويات خطيرة جدا. المهم الآن، أن أحدا لا
يستطيع أن يحدد آفاق المرحلة المقبلة طالما أن الوباء القاتل وسريع الانتشار يسيطر
على كل أرجاء الكرة الأرضية. لكن المؤكد يبقى أن أزمة اقتصادية كبرى ستظهر على
الساحة في الفترة المقبلة، ربما تكون أشد وطأة من الأزمة العالمية التي انفجرت عام
2008 التي قيل عنها: إنها لا تحدث إلا كل 100 عام.
فوفق تقرير للأمم المتحدة فإن الدول النامية بشكل عام تحتاج إلى أكثر من 2.5
تريليون دولار لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها حتى الآن وباء كورونا
المستجد. وهذه الأموال غير متوافرة بسهولة، وتتطلب تحركا دوليا شاملا. دون أن ننسى
أن الدول الكبرى تعاني هي الأخرى آثار الوباء بصورة كبيرة وغير متوقعة أيضا. وبالطبع
الأمر يتطلب نهاية ضربات الوباء المشار إليه، كي تتم عملية التقييم الشامل للخسائر
على كل الأصعدة البشرية والاقتصادية وغيرها. فالانكماش الاقتصادي بات ظاهرا في
المشهد العام، وليس هناك مجال إلا للتحفيز، وهذا التحفيز يحتاج إلى تمويل كبير. وعلى
هذا الأساس من المتوقع أن تكون توقعات البنك الدولي أقل من الحقائق التي سيتركها
الكورونا على الساحة، عندما يتمكن العالم من وضع حد له على الرغم من أن كل
المؤشرات تدل على أن هذا اليوم ليس قريبا. ومن المتوقع أن تؤدي إلى فقدان أكثر من 25
مليون وظيفة عالميا؛ فضلا عن الآثار الخطيرة الأخرى في الميدان الاجتماعي.
لا أحد يعرف حدود الخسائر التي
ستتسبب فيها هذه الجائحة على جميع الأصعدة الصحية والاقتصادية والاجتماعية
والسياسية.
0 تعليقات