هادي جلو مرعي
يمضي الإنسان الى نهايته، وزوال مجده،
ويتحول الى مخلوق تافه مستسلم لماكينة الحضارة التي تدور بسرعة، وتقضي على قيمه
الأخلاقية والتربوية والدينية بعد أن تربع على عروش السلطة في الأرض رجال حكموا
بإسم الدين وهم اعداؤه، فعبر التاريخ كان الفرعون الآله الأرضي، وكان الإمبراطور
ممثل الآله، وكان الخليفة الحاكم بإسم الله، وكان رجل الدين حتى المحتال، وصاحب
الكرش، والشاطر في جمع الأموال بإسم الرب هو الله الذي نراه عيانا لأنهم يعتمدون
خوفنا وهزيمتنا ليؤكدوا سلطتهم، ويستخدموا فلسفة الإله والربوبية لإخضاعنا.
جاءت ماكينة العلمانية واللبرالية وسواها
من تسميات وأغرت الإنسان بالتمرد والتحرر، لتخرجه من حكم الفرد الدكتاتور، الى حكم
الشيطان، والإنغماس بالملذات، والرغبة في الإنعتاق عن قيم الدين والتربية
والأخلاق، والتحول الى المادية المطلقة، والإستمتاع الكامل بالحياة، وتحقيق أقصى
درجات اللذة الجنسية بإبتكار تبادل الزوجات وتأسيس جمعيات تغري المتزوجين بالسفر
والإنضمام الى كروبات خاصة ترعاها منظمات دولية، وتحظى بالرعاية والدعم المالي،
وإنتقلت الى الدول المسلمة، وبلدان في قارات غير أوربا. ولعل أبرز أساليبها الدعوة
الى نشر المثلية الجنسية، وتسخيف الممارسات الإنسانية التي تعتمد القيم والأخلاق،
وفرض قيم حضارة واحدة لاترعى ثوابت قيمية لم تتنازل عنها البشرية طوال تاريخها.
القرار هو أن تكون المادية هي الحاكم في
الأرض، وأن تسيطر حكومة عالمية قاهرة تحمل الجميع على ان يكونوا رعايا تحت سطوتها
ونفوذها الإستعماري، وأن يخضع الإنسان الى فكرة الإبتكار والإبداع العقلي،
والصناعات التقنية الهائلة والمتسارعة شرط أن ينفصل الإنسان في ظلها عن القيم، وأن
يتحلل من كل إلتزام إلا وفقا لمعايير الحضارة المادية التي ينتهي التاريخ إليها،
ويجب كسر مقاوميها بشتى الطرق، وإخضاع شعوب وحكومات تعترض عليها، خاصة وإن النخبة
الإستعمارية تأمل في أن تحتفظ بذات النفوذ التقليدي فيها الذي بدأته قبل قرون عدة
عندما تمكنت دول أوربا من السيطرة على مساحات واسعة من العالم.
الإنسان المطلوب في المستقبل هو البعيد عن
الأخلاق، وعن الأسرة المتماسكة، وعن الدين، وعن الرب، وعن الطبيعة البشرية
المعتادة في العلاقات الجنسية، وإستبدال العلاقة التقليدية بين الذكر والأنثى
لإستمرار البشرية بعلاقة الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى، وترسيخ مفاهيم عبودية
الإنسان للمادة والآلة، والتقنيات بعد أن وجدت لخدمته ليكون هو في خدمتها.
0 تعليقات