هادي جلو مرعي
يقترب العالم من لحظة
الحقيقة.
الحقيقة المرة
والصادمة.هو الجوع الذي رأيناه في الثمانينيات يسلب الوجوه والأجساد نضارة الحياة،
وكانت شاشات التلفاز تبث تقارير صادمة عن ملايين السود في أصقاع أفريقيا، تحوم على
رؤوسهم الحشرات والذباب، وتفتك بهم الملاريا والأوبئة، بينما بطونهم خاوية، وتبدو
أضلاع القفص الصدري كأنها أقفاص زينة بالية، ماتت فيها طيور وعصافير نادرة، ولم
يتبق فيها سوى الهواء الذي يلف ويدور بداخلها، ويصدر أصواتا تشبه صوت الريح في
ليلة باردة وكئيبة.
ومع الأزمة الراهنة
غير المتوقعة التي سببها فيروس كورونا الذي تجاوز أجساد الناس الى اقتصاد الدول،
ومصانعها ومطاراتها وبحارها وبراريها وأجوائها، وساهم في دفع الحكومات الى حجر
الناس في المنازل، وفرض إجراءات طوارئ لم يعهد الناس لها مثيلا في التاريخ البشري
القديم والجديد، ومع هبوط حاد في أسعار النفط، وتوقف حركة التجارة والتصنيع في
البلدان الكبرى، بدأ الحديث عن مرحلة مابعد كورونا، وعن جوع قادم يقتحم البيوت،
ويسبب النكبات والثورات، وبرغم دخول السياسة على الخط فإن لبنان مثل ووهان التي
بدأ منها فيروس كورونا، بدأ منه فيروس الغضب بسبب البطالة والجوع، حيث سيشهد هذا
البلد كارثة ربما أدت الى تقسيمه، ومنه الى بلدان عربية، وشرق أوسطية، وفي اسبيا
وأفريقيا، وربما بلدان في أوربا وأمريكا الجنوبية ليكون الوضع مأزوما كما هو اليوم
في كل الدنيا.
الجوع كافر، وكما قال
أبو ذر: عجبت للرجل يدخل بيته، فلايجد خبزا، كيف لايخرج شاهرا سيفه!
ولعل من أخطر عوامل
قيام الثورات والانتفاضات والاضطرابات هو الجوع الذي يدفع الناس الى الهيجان
والتخريب، والدخول الى دوامة العنف والمناوشات مع السلطات، وقد تصل الأمور الى
الفوضى الكاملة، وهذا هو المتوقع في الفترة المقبلة مع انقشاع كورونا، وبقاء آثاره
القاسية على الاقتصاد العالمي، والدول الأكثر فقرا منها التي لاتمتلك الموارد
الكافية، ولاتتمكن من توفير احتياجات شعوبها الجائعة، ماسيكون مختلفا عن كل مغامر
بالعالم من قبل.
0 تعليقات