محمود جابر
من الملاحظة ان هناك عدد من الأعمال الدرامية تتنافس فى الساحة الفنية
والاجتماعية والسياسية، وتلقى بظلالها على المشروع السياسي فى المنطقة .
على رأس هذه الأعمال الدرامية الناطقة بالعربية تأتى الدراما المصرية،
والتى ظلت لوقت طويل تعمل فى بيئة مفتوحة دون منافس، وظلت تلك الأعمال الدرامية
المصرية هى الأعمال العربية بشكل مطلق .
حيث انخرط فى صناعة هذه الدراما العديد من الوجوه الفنية العربية من كل
بقاع الوطن العربى من العراق شرقا وحتى المغرب غربا، وكان يسير بمحازاتها الغناء
العربى الذى يخرج من الإذاعة المصرية أو التلفزيون المصرى من صباح اللبنانية الى وردة الجزائرية الى فهد
بلان أو فريد الأطرش او وديع الصافى أو نجاح سلام والقائمة هنا تطول .
المهم ان الفن المصرى ظل هو الفت المعبر عن العربية دراما ومسرح وفن، لأنه
استوعب كافة المبدعين العرب فى صناعته، ثم ما لبس ان تراجع الدور المصرى، وخرج
منافس قوى من الدراما السورية ، ثم الدراما التركية، وفى نفس الإطار ظهر الأعمال الإيرانية
لتحقق نجاحات كبيرة فى هذا المضمار .
وهنا يظهر سؤال لماذا فى ظل هذا غابت الدراما العراقية .
العراق واحد من أهم أقطار الوطن العربى، وهى بلد العربية، بمدارسها العربية
المتنوعة فى الكوفة والبصرة وبغداد، والعراق بلد حضارى منذ السومريين والأشوريين
والبابليين ، العراق بلد بعيش الدراما اليومية فى الاهوار والجنوب والشرق والغرب
ويعيش الملاحم التاريخية ، ولدى العراقى ذوق شعرى خاص سواء فى الشعر النبطى او الشعر العربى الفصيح .
الصوت العرقى صوت شجى وله وتر فى
الغناء يخلع القلب حبا وشوقا وحزنا .
فى كل هذا نعود للسؤال لماذا غابت الدراما العراقية ...
ربما املك بعض الجواب وأقول : الفن هو فائض قوى لدى الأمم الناهضة والتى
تحتاج فى فترات تمددها ان تعيد صناعة الفن لتجعل منه أدوات توسع وتمدد وتبشير بالمشروع
السياسى من خلال واجهة ثقافية .
وبالتالي فإن هذا الفائض مقصود به ان يعبر الجغرافيا القطرية للبلد الى
بلدان أخرى وإذا نظرنا للعراق فإننا نجد ان جغرافية العراق يحيط بها تركيا وإيران
والشام والخليج .
ولا يمكن لبلد ضعيف ومستضعف وغائب عن إدارة المتناقضات المحيطة به ان يقوم
بعملية تصدير مشروعه خارج جغرافيته، واذا وضعنا فى الاعتبار ان بعض او كل
الجغرافيا المحيطة بالعراق هى جزء من النظام السياسى العراقى، متمثله فى القوى
السياسية والأحزاب فإن دورهم هم تعطيل العمل الثقافى العراق حتى لا يخرج من اطار
الجغرافيا ويعبر عن مشروع مستقبلى للعراق ..
وبالتالى فان إنتاج العراق سيظل ينتج أعمالا فنية هامشية وغير قادرة على توحيد الوجدان العراقى لان هذا
عمل مقصود بل ومخطط له .
0 تعليقات