آخر الأخبار

المنهج الإسلامي في قراءة التاريخ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضرات(التخطيط الإلهي الحامي والتخطيط المحمي) لفضيلة الشيخ عبد الهادي الزيدي

 

 

ستار النعماني

 

 

((يتمتع المنهج الإسلامي بنظافة مطلقة لأنه لا يرتبط في ذهن الأمة بتاريخ أعدائها بل بتاريخ أمجادها الذاتية ويعبر عن أصالتها ولا يحمل بصمات أصابع المستعمرين.. السيد محمد باقر الصدر )).

 

 

 

البرنامج معالجة لبعض المفاهيم التاريخية التي اتخذت سياق يختلف عن سياقها الحقيقي أو المقارب للحقيقية فهو يستهدف بعض الإشكاليات التاريخية وعند القول إشكالية نعني مجموعة من المشاكل بأوجه متعددة وقد تكون الإجابات متعددة وما أنتجته من واقع وثقافة وممارسة فعلية على الأرض ومدى مطابقة هذا الواقع مع نظرياتها التأصيلية أو أصولها المؤسسة لها .

 

 

 

فبرنامج التخطيط الحامي والتخطيط المحمي عبارة عن دراسات تحليلية ونقدية في ذات الوقت كاشفا عن حجم الاختلاف بين الآراء التاريخية التي تناولت الموضوع بشيء من العاطفة والانحياز على حساب حقائق تاريخية ثابتة. فأسلوب موضوعات البرنامج ستعيد قراءة التاريخ في أذهان الكثير رغم التركة الكبيرة من المفاهيم والثقافة المغايرة لدى القراء والمتابعين .

 

 

إذا نحن الآن نتكلم عن صياغة جديدة لكثير من مفاهيم التاريخ بأسلوب بعيد عن التعقيدات والمصطلحات فالشيخ عبد الهادي الزيدي حاول وكان موفقا بالمحاولة وبأسلوب يجمع بين التاريخ وعقيدة التوحيد الإبراهيمية معالجة الكثير من الموروثات التي لا تمت بأي صلة للوقائع والأحداث التاريخية او تموضعت بجغرافيا غير الجغرافية المعنية والتي قصدتها الشواهد التاريخية وهذه الموروثات قد فرضت نفسها بشئ من التحايل أو القوة وبعض الأحيان السلطة بدعم استشراقي وثقافة توراتية حاولت منذ أمد بعيد مصادرة مواضع القوة والفكر للدين الإسلامي.

 

 

ان التفسير الانتقائي أو قل التفسير المنحاز للتاريخ إربك مشوار بعض المفكرين والمؤرخين فالتمييز كان غائبا بين ما هو مقبول ومرفوض وبين ما هو إسلامي ,  وما هو توراتي وبين ما هو عقيدة وبين ما هو ثقافة استشراقية أو يسارية, وبين ما هو مشروع يمتد بامتداد التاريخ وبين ما هو  طارئ أوجدته ظروف معينة ,وبهذه الرؤية قد فصلوا بين المقدمات ونتائجها فما التاريخ بنظرهم إلا حوادث لها أسبابها بعيدة عن أي رابطة أو صله ببعضها البعض وربما الصدف ساقتها بهذا الإطار أو ذاك بعيدة عن لطف وتخطيط السماء فهكذا هي قراءتهم للتاريخ بسطحية تجاوزت القوانين والسنن التاريخية.

 

 

فالتخطيط الإلهي الحامي والمحمي وما أوجده من أحداث تغييريه هدفها تكامل البشرية باتجاه يضمن سعادتها بالمستقبل وخصوصا في الساحة الإسلامية نجد إن عملية التغيير وكما يرى السيد محمد باقر الصدر (قدس الله نفسه الزكية)لها جانبان جانب الهي وجانب بشري اذ يقول (قدس سره) بهذا الخصوص( عملية التغيير التي مارسها القران  ومارسها النبي صلى الله عليه واله لها جانبان من حيث صلتها بالشريعة وبالوحي ,هي ربانية ,هي فوق التاريخ, ولكن من حيث كونها عملا قائما على الساحة التاريخية, من حيث كونها جهدا بشريا يقاوم جهودا بشرية أخرى, من هذه الناحية يعتبر عملا تاريخيا ,تحكمه سنن التاريخ , وتتحكم فيه الضوابط التي وضعها الله سبحانه وتعالى لتنظيم ظواهر الكون في هذه الساحة المسماة بالساحة التاريخية.

 

 

 

إذا أراد الشيخ الزيدي وهكذا أرى الأمر في بعض جوانبه ان نفهم معطيات التاريخ بسياقاته الزمانية وظروفه المكانية وتأثيراته اللاحقة لإعادة تشكيل الذاكرة التاريخية وفق هذا التخطيط حتى يتسنى للفرد ان يعي مجريات الأحداث وأسلوب التفاعل والتعامل معها والاطلاع على تجارب البشر بشكل يضمن الفائدة من سلبيات وايجابيات كل مرحلة  .

 

 

 

فمحور محاضراته موضوع التخطيط الإلهي و ما لها من دور في الحفاظ على المفاهيم فان التخطيط الإلهي نظرية ارسي قواعدها النظرية والعملية السيد الشهيد محمد الصدر (قدس الله سره) في كتابه (موسوعة الإمام المهدي عليه السلام ) وهي نظرية تقابل النظريات المادية فقد مثل السيد الشهيد (قدس الله سره) النظرية الإسلامية وان كل ما يحصل من أحداث إنما هي بتخطيط الله سبحانه وتعالى وبعيدا عن المصادفة والعشوائية فالمدبر هو الله وقد رسمت هذه النظرية (التخطيط الإلهي) معالم الطريق لمعرفة كيفية سير البشرية باتجاه الكمال المنشود واستطاع السيد الشهيد ان يرفد المكتبة الإسلامية بمصدر مهم من المصادر الإسلامية والتي وسعت دوائر البحث والتنظير لدى المسلمين  . 

 

 

 

بداية رحلة البحث للشيخ الزيدي كانت مع النبي إبراهيم عليه السلام وكيف استطاع ان يؤسس للمرحلة الأولى من مراحل الخط الحامي والمحمي والتي تبلورت بظهور خط اسحاقي تصدر المشهد التاريخي واختفاء او غياب خط اسماعيلي حفاظا عليه من الأعداء وتمهيد لإرساء قواعد الدين الإسلامي . اذا مرحلة التأسيس تمت تحت إشراف شخصية تعتبر من أهم الشخصيات المشرعة في التاريخ وهو النبي إبراهيم عليه السلام. بعدها يسلط البرنامج  الأضواء على بعض الحوادث التي رافقت مسيرة الخط الاسماعيلي خصوصا محاولة فرض عبادة الأصنام على تلك المنطقة بعد ما سادت عقيدة التوحيد لفترة من الزمن مرورا بكثير من الحوادث والشخصيات ومناقشة كثير من القضايا والتحديات الداخلية والخارجية وأسلوب المواجهة المناسب لها والبرنامج موجود على قناة الشيخ الرسمية وممكن الاطلاع عليه .

 

 

 

البرنامج كما ذكرت سابقا دراسة تحليلية ونقدية في ذات الوقت فهو عرض لتاريخ غائب أو مغيب استطاع من خلاله الشيخ الزيدي توضيح الرأي الإسلامي بالحوادث التاريخية وكيفية التعامل معها وإعادة صياغتها بسياقها الصحيح بمعنى ان تترجم تاريخيا وفق ظروفها الاجتماعية والعقائدية حتى يتضح المعنى للمفهوم التاريخ بعيدا عن القيود التي وجدت لنفسها مكانا بفعل السلطات او غيرهم .

وأما كونه دراسة نقدية فالشيخ حاول كشف وما في التاريخ من شوائب استشراقية حاولت أن تميل كفة الميزان لديانة دون أخرى أو قل لحضارة على حساب حضارة أخرى أو لثقافة على حساب ثقافات أخرى أو لفكرة بقيت تتناقل في كتب التاريخ دون أي أصل لها استحوذت على تفكير الكثير .


إرسال تعليق

0 تعليقات