آخر الأخبار

أنا وإبراهيم عيسى فى رحاب الإمام علي












محمود جابر


هذه المرة الأولى التي احل فيها ضيفا على الإعلامي والمفكر إبراهيم عيسى فى برنامجه الرائع " مختلف عليه" ، والذي أذيع أمس على قناة الحرة، والأمر مختلف تماما حينما تكون ضيفا على رجل – يزعم – يعشق الإمام على عشاقا المحب العاقل .


وازعم ان هذه الحلقة من أروع ما قدمت، ولكن لماذا ؟

الجواب كان فى انطباع البعض من الأصدقاء ممن شاهدوا الحلقة أمس، وكان سؤالهم المباشر : ما هى رسالة الحلقة ؟

منهج إبراهيم عيسى وفريق إعداده وعلى رأسه الصديق المحترم أدم مكاوى الذين عملوا على أن تكون الحلقة إثارة للتساؤل وشحذ للذهن وليس التلقين والرسائل المباشرة التي لا يحبها الجمهور .

بدأ إبراهيم عيسى حلقته بتقرير عن الصورة الذهنية لكثير من المسلمين الذين يحبون أن يرون أن كل أصحاب النبي كانوا قدسيين ومعصومين وأنهم كانوا جميعا فى حالة ملائكية كلية ...

 ولم يرى البعض أو الأكثر أن أصحاب النبي تنازعوا فى أول أمرهم فى الإمامة أو الإمارة كما حكى أبو الحسن الاشعرى فى كتابه مقالات الإسلاميين .





الصراع الذى تم فى بداية الأمر بين الصحابة – البشر- كان بين فريقين؛ فريق قرشي يرى الإمارة والإمامة فى قريش حصرا، وفريق اخر يرى أن آ هذه الإمامة فى هذا الشخص الذى كان نفس النبى والذى هو امتداد لمشروعه الإنساني، ومن ساعتها كان على بن أبى طالب أمام المتقين .... واعتقد ان هذا الخيار لم يكن خيارا عرقيا ولا قبليا ولكن كان خيارا وفق للقدرات والتربية والمكتسبات الشخصية لـ على.


ولكن حتى هذه الصورة وهذا المنطلق بالقدر الذي يفصل الصراع، ولكنه ظلم معه على ابن أبى طالب وجعله طرفا فى صراع لم يكن هو يوما طرف فيه .

بعدما أصبح " عليا" طرفا فى هذا الصراع بين محب غال، ومبغض محترق، أصبحت شخصية الإمام شخصية مؤسطرة، يحاط بها سياجات أسطورية متعددة .

الحلقة التى قدمها إبراهيم عيسى هى محاولة فكر، رموز هذه الشخصية وتجريدها من هذا الحب الغالي، وهذا البغض المنحرف .


بدأ عيسى بعرض زواج علي من فاطمة، التى هى سيدة نساء العالمين، وهى أحب الناس الى النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وقال من أحبها فقد احبنى، ومن ابغضها فقد ابغضني، وهذا مجمل أحاديث متفق عليها عند كل المسلمين .


تزوج على من فاطمة وهو لا يملك شيء من حطام الدنيا، فقد كان زاهدا أيما زهد، ووفقا لتعبير إبراهيم عيسى انه كان فقيرا قالها ثلاث، وفى الرابعة قال كان الأفقر، أى أفقر أصحاب النبي محمد أجمعين .


ورغم هذا الفقر الذى يعرفه الجميع، ولكن النبى محمد كان يريد ان يزوج عليا لفاطمة، فلما حضر الإمام بين يدي رسول الله، لم يستطع الكلام، فقال له النبى، هل لك حاجة ؟ فلم يرد عليا!!


فقال له النبى هل جئت تخطب فاطمة ؟ فقال الإمام : نعم.

فقال النبى وهو يعرف : هل عندك من شيء تخطبها به ؟

فقال الإمام : ما عندي من شيء !!

فقال النبي : أين درعك الحطمية؟

وبهذا فقد زوج النبى ابنته التى هى سيدة نساء العالمين من الإمام على بشيء زهيد، والسيدة العظيمة بنت سيد المرسلين تعلم أنها تزوجت الأفقر من بين كل أصحاب أبيها وأتباعهم، ورضيت به زوجا وصاحبا،فقد رضيت باللا شىء من متاع الدنيا لأنها ستتزوج عليا ...



فعلى المولود فى باطن الكعبة وهو ابن عم النبى الذى تربى فى كنفه - اى ابو طالب بن عبد المطلب، و زوجه ام على السيدة فاطمة بنت أسد التى احبها النبى محمد كأمه لحنانها التى غمرته به ، فكان علي ثمرة حب النبى لعمه وزوجه .


انتجب النبى محمد على طفلا، انتجاب صاحب المشروع الذى يبحث عن وارث لمشروعه، فكان محمد لعلى أبا وأما ومرب ومعلم ونبى وكل شيء.


لم يفارقه طوال حياته، وكان على موضع ثقته وهمته فى الملامات والكرب والشدائد، يشهد بذلك أحداث التاريخ النبوى، والتى وثقت هذا الأحداث فى بدر وأحد والأحزاب، فى مواجهة عمرو بن ود وفى خيبر، وحينما اشتدت المؤامرة على الدعوة والرسالة والدين والمشروع برمته منذ اختمار الفتنة والتمرد فى حنين وما بعدها وصولا لأحداث تبوك ومؤامرة العقبة ومسجد الضرار، وحين اصبح على نائبا وخليفة وراعيا للمشروع النبوى اذا ما مات النبى مقتولا فى طريقه قافلا من تبوك الى المدنية .



مشروع محمد النبى الذى جمع ما بين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وأبو ذر وصهيبا الرومى، وسلمان الفارسى، وبلال بن رباح المشروع الذى لم يفرق بين تعدد المشارب (العرق والميلاد والنسب والقبيلة)، وجعلهم كلهم فى مكانة واحدة وعلى قدم وساق من بعضهم البعض .


هذا المشروع كان يهدد اقتصاديات الحج التى تديرها قريش قبل الإسلام وبعده، وبعضهم راى فى مشروع النبى هو تجديد لشباب قريش واكتساب بعض الأخلاق التى فقدتها قريش والتى يمكن ان تحافظ على دولتهم وتوسعها من خلال الإسلام .

لكن على بن ابى طالب  كان يرى أن مشروع النبى محمد مشروع هو اكبر من بنو هاشم واكبر من قريش واكبر من العرب، هو مشروع جاء لخير الإنسانية.



على بن ابى طالب لم يشغله عمل دنيوى، ولا تجاره، ولا ادخار، شغله ان ينهل من معلمه وان يذوب فى كتاب الله تعالى، وان يكون أنموذجا للمشروع ...


هذه الحالة أبغضت البعض أو الأكثرية عليه، بعضهم صرح بغضبه وبعضهم لم يصرح بها، وظلت كل الشواهد التاريخية تدل على أنهم كانوا يتنمرون به حسد وتأمرا وشكاية واستبعادا من كل شىء .



القت هذه المرحلة بظلالها فى كل كتب التاريخ، وقسمت المسلمين الى قسمين وغاب الراشدون – إلا القليل- ممن يمكن ان يلتقطون شخصية خليفة المشروع الإلهي وهى شخصية الإمام على الإنسان العادل الزاهد والمتوحد مع ربه ونفسه والمحيطين به .


مختلف عليه الذى قدمه المفكر إبراهيم عيسى نجحت فى طرح كل تلك التساؤلات على مائدة البحث وعلى مائدة الفكر وعلى مائدة المتلقى، لم تعطى المتلقى سوى ان حاول ان تبحث عن تلك الشخصية الأسطورية الحقيقة دون ان تنحرف بتأثير من فلان او بتأثير من فلان ....



لأنه لا يوجد فى كل أتباع النبى محمد رجل تزوج سيدة نساء العالمين سوى على بن ابى طالب ... ولا يوجد من انتجبه النبي للرسالة سوى على بن أبى طالب وفى كل أنموذج جميل شريف عظيم لن تجد على رأسه من كل المسلمين منذ الدعوة والى الآن سوى هذا الرجل وهو الإمام على بن ابى طالب ....



والى هنا أتوقف اختصارا وان كان الحديث فى على لن يتوقف حلوه وجماله وعزوبته وشجونه أيضا .










إرسال تعليق

0 تعليقات