عز الدين البغدادي
غسل العار هي جريمة قتل يرتكبها غالبًا أحد الأعضاء الذكور في أسرة ما أو
قريب ذكر لذات الأسرة بحق أنثى، لأسباب تكون غالبا ظنّية بسبب شكوك حول ارتكاب
الأنثى فعلا مُخلَّا بالأخلاق بنظر الجاني.
الأخلاق هنا طبعا تتعلق بالسلوك الجنسي، فالوعي العام يحصر قضية الشرف بهذا
الأمر فقط.
هذه القضية تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لكثير من البلدان، وعادة ما تأخذ
التشريعات والقضاء مواقف متساهلة مع هذه الجرائم مراعاة لطبيعة المجتمع.
من الناحية الشرعية، لا يوجد شيء اسمه جريمة شرف، بمعنى لا يوجد تخفيف في العقوبة
أبدا، وهناك حديث هام صحيح حيث روي أن سعد بن عبادة الصحابي المعروف سيد قبيلة
الخزرج كان رجلا غيورا جدا بطبعه، وكان يضيّق على نسائه رغم أن المرأة في مجتمع
المدينة حتى قبل الإسلام كان لها هامش هام من الحرية.. أراد بعضهم أن يمازح سعدا،
فقالوا له: يا سعد، أرأيت لو دخلت على أهلك فوجدت على بطنها رجلا، ماذا كنت تصنع
به؟ فقلت: أضربه بالسيف، خرج النبي (ص) اليهم وهم يمازحون سعدا، فلما عرف بحديثهم
قال لسعد: يا سعد وكيف بالأربعة الشهود؟ أي كيف تثبت أنّه زنى بها فعلا؟ فقال: يا
رسول الله أبعد رؤية عيني وعلم الله أنه قد فعل؟ قال: إي والله بعد رؤية عينك وعلم
الله أنه قد فعل لان الله عز وجل قد جعل لكل شئ حدا وجعل لمن تعدى ذلك الحد حدّا.
الجريمة التي حصلت أمس في الناصرية والتي قام فيها أب بقتل ابنتيه نحرا، لا
يتحمل مسؤوليتها هذا الأب فقط، فهو لم يفعل ذلك الا تحت ضغوط اجتماعية مدمرة لا
يمكن لأي إنسان أن يتحملها، هذه المشكلة لا يمكن حلها فقط عن طريق القانون، لأن من
ينفذ القانون هو جزء من المجتمع. بل لا يمكن حلها إلا عن طريق زرع تغيير بنية
المجتمع وعلاقاته ومفاهيمه وهو ما سيؤدي إلى تكوين مفاهيم جديدة في المجتمع، كما
نحتاج وبشدة إلى تعميق الفهم الأخلاقي الإسلامي الحقيقي الذي يرفض تماما تماما تلك
السلوطيات الشائنة والشائعة في التدخل في خصوصيات الآخرين أو الخوض فيها، فهم يدرك
أن الشرف لا ينحصر بقضية الجنس.
وعنما أقول الفهم الأخلاقي الإسلامي فأنا أعي ما أقول، لأن كثيرا من هذه
التصرفات تحدث بسبب فهم ديني خاطئ ومحاولة زرع قيم مدنية في مجتمع غير متمدن لن
يأتي إلا بردود فعل معاكسة. ولا ننسى بأن كثيرا من الدعاة والحركات الإسلامية
يجدون في قضية الجنس قضية ناجحة جدا في تهييج الرأي العام واثبات انهم من يحافظون
على قيم المجتمع، وهذا ما يعطيهم مبررا للبقاء.
0 تعليقات