آخر الأخبار

وفي مثل هذه الليلة

 

 

 

 

 

 

من أحسن الأبيات التي رثي بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قول الشاعر الأندلسي ابن عبدون المعروف بذي الوزارتين:

 

 

فَلَيتَها إِذ فَدَت عَمرواً بِخارِجَةٍ فَدَت عَليّاً بِمَن شاءَت مِنَ البَشَرِ

 

 

منذ عشر سنوات ، كانت المدرسة التي أقيم فيها في النجف الأشرف وهي "مدرسة القوّام" فارغة تقريبا، بسبب عطلة شهر رمضان، وقد حاولت أن استغل الوقت لإتمام ما يمكن إتمامه من كتاب واسع في النحو كنت اشتغل عليه، وقد فرغت منه لاحقا بما يقارب 1200 صفحة فيه مقدمة هامة في فصلين في تاريخ النحو وأسس النحو (لم يطبع بعد).

 

 

 

وفي مثل هذه الليلة، وفي أجواء الزيارة بمناسبة استشهاد أمير المؤمنين، كنت أكتب في موضوع المضاف إليه، وفي موضوع الفصل بين المضاف والمضاف إليه، وكتبت: والفَصْلُ بِنَعت المضاف: كما في قول معاوية:

 

 

نجوتُ وَقَد بلَّ المُراديُّ سَيفَهُ مِنَ ابْنِ أبِى شَيْخِ الأبَاطِحِ طَالِبِ

 

 

وعلى عادتي في هذا الكتاب، فقد كنت أكتب هامشا عند كل بيت، فكتبت هامشا جاء فيه:

 

 

المرادي هو أشقى الناس عبد الرحمن بن ملجم المرادي أدرك الجاهلية، أسلم وهاجر في خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل فكان من القراء وأهل الفقه والعبادة. ثم شهد فتح مصر وسكنها فكان فيها فارس بني تدؤل. وكان من شيعة علي بن أبي طالب وشهد معه صفين، ثم خرج عليه في الخوارج. وقد اتفق مع البرك وعمرو بن بكر على قتل أمير المؤمنين علي ومعاوية وعمرو بن العاص في ليلة واحدة. فتعهد البرك بقتل معاوية، وعمرو بن بكر بقتل عمرو ابن العاص، وتعهد ابن ملجم بقتل أمير المؤمنين علي. فأما معاوية فأصابه السيف في أليته يسيرا وهو يصلي ونجا، وأما عمرو فلم يخرج إلى صلاة الفجر يومها وخرج بدلاً عنه خارجة العدويّ صاحب شرطته فضربه عمرو بن بكر فقتله وهو يحسبه عمروا، وأما عبد الرحمن فقد تمّ له ما أراد.

 

 

فَلَيتَها إِذ فَدَت عَمرواً بِخارِجَةٍ فَدَت عَليّاً بِمَن شاءَت مِنَ البَشَرِ

 

 

وكان عبد الرحمن قصد الكوفة واستعان بشبيب الاشجعي، فلما كانت ليلة 19 من رمضان سنة 40، ضربا أمير المؤمنين فأخطأ شبيب، وأصاب ابن ملجم مقدم رأسه، فنهض من في المسجد، فحمل عليهم بسيفه فأفرجوا له، وتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة رمى بها عليه وحمله وضرب به الأرض وقعد على صدره، وفرّ شبيب. وقد استشهد أمير المؤمنين في مثل هذه الليلة وهي 21 من شهر رمضان 1431، وكتبتُ في النجف.

 

 

وعندما توفي أمير المؤمنين؛ أحضر ابن ملجم بين يدي الحسن فقال له: والله لأضربنّك ضربة تؤديك إلى النار، فقال ابن ملجم: لو علمت أن هذا في يديك ما اتخذت إلها غيرك! فأمر به فقتل لعنه الله.

 

 

عن عمار بن ياسر: كنت أنا وعليٌّ رفيقين في غزوة ذي العشيرة، فلما نزلها رسول الله (ص) وأقام بها رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عينٍ لهم في نخل فقال لي علي: يا أبا اليقظان، هل لك أن تأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثمَّ غشينا النوم، فانطلقتُ أنا وعلي فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء من التراب فنِمنا. فو الله ما أيقظنا إلا رسول الله (ص) يحرّكنا برجله وقد تترَّبنا من تلك الدقعاء فقال رسول الله (ص): يا أبا تراب، لما يرى عليه من التراب، فقال رسول الله (ص): ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا عليُّ على هذه يعني قرنه حتى تبتلّ هذه من الدم يعني لحيته.

 

فسلام على عليّ يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيّاً.

 

وكتب عز الدين البغدادي


إرسال تعليق

0 تعليقات