حامد المحلاوى
أنا لا أصدق أنه صدرت
فتوى من دار الإفتاء المصرية تحرم دفع الزكاة للفقير المسيحي ! .. فمصارف الزكاة
كثير منها يذهب لغير المسلمين أصلا ..
ذكرني هذا بمقال
كتبته عن واقعة حدثت أمامي منذ عدة سنوات والصورة هنا عكس الصورة التي تتحدث عنها
دار الإفتاء إن صحت الرواية .. هذه المرة كانت لمسيحي كفل أيتام المسلمين وقد تبدو
غريبة ..
لكنها ليست من نسج
الخيال .. بل من قلب الواقع والحقيقة .. سر من أسرار صديقي الصوفي الذي أحبه وأجله
كثيرا ككل من اقترب منه وتعامل معه .. أهم ما يميزه أنه أمين مؤتمن لذلك يحفظون
عنده الأمانات وهو ممن حباهم الله بثقة وحب الجميع .. يقطن منطقة ساكنوها مسلمون
ومسيحيون .. يقول : جاءني من سنوات طويلة جار مسيحي وأعطاني مبلغا من المال وطلب
مني أن أخرجه لله ففعلت .. في الشهر الذي تلاه كرر نفس الشيء ونفذت طلبه أيضا وإن
بدأت تعتمل في نفسي هواجس وحيرة وشكوك .. وعندما تكرر الأمر في اليوم الأول من كل
شهر ولعدة شهور متتالية خرجت عن شعوري وانسحبت من لساني وسألته بلهجة فيها شيء من
الحدة وقلت له : إنت عارف أنا بدي الفلوس دي لمين .. لمسلمين ؟! .. ضحك وقال : عارف
.. استمر الوضع على حاله لسنوات وفضلت أن احتفظ بسر الرجل في قلبي .. أقصى ما وصل
إليه خيالي أن الرجل أسلم وأراد التخفي عن أسرته وجيرانه حتى لا يكون منبوذا
مكروها أو تتعرض أسرته للمضايقة وسوء المعاملة .. لكن يدحض ذلك أنه كان مواظبا
بشكل كبير هو وأسرته على حضور قداس الأحد .. ظل الوضع على حاله مستمرا لسنوات
طويلة إلى أن وافته المنية وصعدت روحه إلى بارئها فقلت ذهب الرجل ورحل معه سره .. لكن
الذي زلزل كياني بحق أنه بعد وفاته بعدة أشهر جاءتني زوجته باكية عاتبة على قائلة :
ليه يا شيخ ( ..... ) ما أخدتش الفلوس اللي كان بيبعتهالك ( ..... ) كل شهر ؟! .. ألجم
لساني ولم أستطع أن أنطق ببنت شفة من هول الصدمة .. تركت المبلغ وانصرفت .. ثم
تكرر الوضع واستمر على حاله حتى يومنا هذا .. أراهم يكفلون أيتام المسلمين فأقول
إنهم مسيحيون أسلموا وأخفوا إسلامهم ! .. أراهم يواظبون في الذهاب إلى الكنيسة دون
انقطاع أقول : لا بل مسيحيون متدينون ! .. في النهاية قررت ألا أشغل نفسي كثيرا
بحكمة العلي القدير في خلقه وأن أدع الأمور تسير كما أراد لها مسيرها جل وعلا .. انتهت
الحكاية وأرجو ألا يسألني أحد عن أسماء ..
لكن لي كلمة بسيطة
..
من أسف لو أنك بحثت الآن
في الخطاب الديني الإسلامي ستجد أن أكثر كلمة تتردد هي كلمة : كافر .. وأنا أقول :
مسألة الكفر والإيمان مسألة دقيقة جدا وعمل قلبي صميم وهي ليس من اختصاص البشر .. بل
سرلا يعلمه إلا علام الغيوب .. ثم من فينا مهما بلغ علمه ودرجة إيمانه وتقواه يضمن
خاتمته وعاقبته هل هي على الكفر أم الإيمان ! .. يا أخي حتى سيد الخلق جميعا
وأحبهم إلى الله ( صلى الله عليه وسلم ) استعاذ بالله من سوء الخاتمة ..
فهل نحن أفضل من
النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مثلا ؟! .. نسأل الله السلامة ..
0 تعليقات