رياض محمد
في حديث لي مع صديق
مطلع على تفاصيل ما يسمى بالعملية السياسية , قلت له وأنا اذكر شخصية نعرفها نحن
الاثنين – واعفوني من ذكر هذه الشخصية الآن لأنها ليست محل البحث – إن هذه الشخصية
هي صانعة الوزراء في العراق لان العديد ممن اختيروا لمنصب الوزير سابقا أو حاليا مقربون
من هذه الشخصية.
حينها أجابني هذا
الصديق المطلع قائلا: "لا. صانع الوزراء هو جواد الخوئي. وهو جزء من لوبي
لندن العراقي وهي مؤسسة قوية وراسخة في الشؤون العراقية."
كنت قد سمعت اسم
الرجل مرات قليلة في الماضي واعلم أن عائلته فيها الكثير من الشخصيات من أبناء وأحفاد
وأقارب المرجع الأعلى السابق آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي.
كما قيل الكثير ولا
يزال عن مؤسسة الخوئي أو عن الشهيد المغدور عبد المجيد الخوئي الذي أظنه أول ضحايا
العنف السياسي لعراق ما بعد صدام.
حينها أجريت بحثا
بسيطا عن جواد الخوئي وكانت النتيجة بعض اللقاءات والإشارات. ولم يسعفني انشغالي أن
استكمل البحث.
وقد حاولت التأكد مما
قاله لي الصديق الأول بالاستئناس برأي آخر من صديق مطلع آخر فأجابني هذا بالإنكار
وان جواد الخوئي ليس له هذا النفوذ وانه ليس بشخصية ذات بال سواء أتعلق الأمر داخل
عائلة الخوئي أو خارج هذه العائلة في الأوساط النجفية والسياسية العراقية.
بعد حوالي أسبوع أرسل
لي الصديق الأول صورة لجواد الخوئي مع عدد من الوزراء العراقيين. وقد علق ساخرا: ما
أن يقف المرء هنا إلا ويصبح وزيرا!
وهنا وأرجو أن تقرأ
هذه الملاحظة بعناية. أنا لا اتهم أي شخصية أو شخصيات بقلة الكفاءة وبالتالي فان
هذه الشخصيات احتاجت الى (واسطة) مثل جواد الخوئي ليصبحوا وزراء.
لكنني أقول وأعود
لاضرب مثالا بعادل عبد المهدي الذي لم يكن الاكفأ بين الكوادر (التكنوقراط) العراقية
في فرنسا لكنه كان الوحيد بينهم الذي كان عبد العزيز الحكيم يرشحه لرئاسة الحكومة
في كل مرة تتشكل حكومة في العراق. في حين لم يكن لباقي الكوادر العراقية التي كانت
في فرنسا مثل عبد العزيز الحكيم ليرشحها. هذا ناهيك عن ان الكثير من هذه الكوادر
ما كانت لترغب بهذا الترشيح أصلا.
فهؤلاء الأساتذة
المحترمون الخبراء والأكاديميون والكوادر والمثقفين الذين تولوا مناصب وزارية او
استشارية في هذه الحكومة والحكومات السابقة نحن نحبهم ونحترمهم. وان اختلفنا معهم
في قضية قبول المنصب فلا احد منا يعلم مافي داخل عقولهم وهل قبلوا المنصب لأسباب
نفعية أم لأنهم فعلا يظنون أن بإمكانهم تقديم شيء ما ينفع الناس.
لكنه يجب التوضيح انه
ما أن يتولى المثقف أو الأكاديمي منصبا عاما فيجب ان يتوقع منا نحن الصحفيين ان
نمارس حقنا في نبش كل صغيرة وكبيرة في اداء هؤلاء لوظائفهم العامة. مهمة الصحفي
ليست تجميل المسؤول بل محاسبة المسؤول. وهو في هذا لا يقوم بعمله حاسدا – أتكلم
على الأقل عن نفسي – أو حاقدا لكنه يؤدي عمله في البحث عن الحقيقة. ولهذا أتمنى من
إخواننا الكوادر والمسؤولين الحاليين ان لا يغضبوا او ينزعجوا او يحزنوا لما نكتبه
عنهم بعد توليهم المسؤولية.
ومن بين ما نبحث فيه
وهو مما يهم الناس إجابة لسؤال مهم: لماذا ينصب أكاديمي عراقي كفوء وزيرا وهناك 1000
من أمثاله؟ ولماذا يصبح خبير عراقي مقيم في الغرب مستشارا لرئيس الوزراء وهناك
مئات غيره؟ من حقنا جميعا ان نفهم ذلك خصوصا ونحن نسمع العجب العجاب عن بيع
المناصب وشراءها بين الكتل والأحزاب.
وبالعودة الى موضوعنا,
اليوم وبعد جولة غوص ممتعة في عالم الويكليكس الواسع , عثرت على وثيقة تتعلق
بالمرجعية – يعد ان طلب مني احد الإخوة ذلك ليترجمها مستجيبا مع آخرين لإعلاني
السابق قي أوراق عراقية بالحاجة الى مترجمين – وكان في الوثيقة ذكر لجواد الخوئي.
وهنا تذكرت الرجل
وقررت ان ابحث عنه في ويكليكس فوجدت انه قد ذكر في4 وثائق.
كانت الوثيقة الأولى
التي سأعرضها اليوم تتعلق باتصال هاتفي أجراه جواد الخوئي والسياسي العراقي غانم
جواد من لندن مع المسؤول السياسي في السفارة الامريكية في الأردن الدبلوماسي الأمريكي
ديفيد هيل (وهو الان مساعد وزير الخارجية الامريكي للشؤون السياسية) في أيلول 2003.
في الاتصال الهاتفي
عرض جواد الخوئي تعاونه مع سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق وقال أن الأمريكيين
يحتاجون رجال الدين الشيعة لان لهم القدرة على السيطرة على الناس وتهدئتهم. وان
هناك فارقا جوهريا بين المسلم السني والمسلم الشيعي يتمثل في دور المرجع. فبينما
يستطيع المسلم السني ان يقرر تفجير نفسه فان الشيعي لابد له ان يستشير مرجعا قبل
ان يقدم على ذلك.
وفي الاتصال الهاتفي
حذر جواد الخوئي من ان إيران وعدت مقتدى الصدر بأنها ستجعل منه "حسن نصر الله
العراق". وهو في هذا ينطق عن بصيرة سياسية ممتازة. ولازلت اذكر شخصيا أجواء
تلك الأيام التي تلت اغتيال الشهيد آية الله محمد باقر الحكيم وما تردد بعدها أو
قبلها من أن الخامنئي قال لمقتدى الصدر "إني أرى فيك حسن نصر الله العراق".
المدهش أن الوثيقة
الثانية التي ذكرت جواد الخوئي – التي أرسلتها لأحد الإخوة لترجمتها – مؤرخة في أيلول
2009 وهي تشدد على حماية هوية جواد الخوئي بنفس الكلمتين التين استخدمتا لحماية
هوية مصطفى الكاظمي - في وثيقة اخرى من وثائق ويكليكس كنت قد تحدثت هنها سابقا- وهما
بالانكليزية:
“Strictly protect”
أي حافظ على السرية
ويقصد بالسرية هوية الشخص.
ولن اعرض محتوى
الوثيقة الآن – سأتكلم عنها بالتفصيل في حلقة مقبلة من هذه السلسلة – لكنني اكتفي
بذكر أن جواد الخوئي وصف في الوثيقة بأنه قضى 11 سنة في قم وان معلوماته عن إيران
قد مدحت كثيرا داخل وكالات الحكومة الأمريكية في واشنطون.
ملاحظة: ذكرت في
منشور سابق عن المرجع الأعلى آية الله العظمى السيستاني ان المرجع ليس إلها ولا
نبيا ولا إماما لكي يتمتع بحصانة من النقد أو معصومية من الخطأ. وجواد الخوئي ليس
مرجعا أصلا بل حفيد مرجع. وبالتالي – ومادام للرجل دور سياسي – فمن حقنا جميعا ان
نبحث في دوره وان نكتب عنه.
كما ينبغي التنويه أن
الوثائق المشار اليها ظهرت علانية قبل حوالي عقد من الزمان عندما أطلقت مؤسسة
ويكليكس هذه الوثائق مع مئات الآلاف من نظيراتها وان هناك من استعرض الوثيقة
الثانية قبلي مثل الكاتب والقيادي السابق في حزب الدعوة سليم الحسني (وان كنت أتحفظ
على أسلوب الحسني في ذلك الذي يصب في خانة نظريات المؤامرة واستخدامه لتعابير لم
ترد في الوثيقة ولا يمكن إثباتها مثل العمالة لوكالة المخابرات المركزية – الوثيقة
صادرة عن السفارة الأمريكية في باكو عاصمة أذربيجان).
وأود التوضيح ثانية أنني
والى أسبوع مضى لم أكن قد سمعت باسم جواد الخوئي الا نادرا – سمعت بوالده الشهيد
محمد تقي الخوئي بطبيعة الحال - ولا تربطني به أي صلة خصومة بل ان غالبية أفراد
عائلتي الكبيرة (اقربائي) كانوا من مقلدي جده. وكان فضول الصحفي هو دافعي الوحيد
للبحث عنه وكتابة هذا المنشور.
رابطي الوثيقتين:
0 تعليقات