بعد تأجيل طرحها مرة
تلو أخرى، وفشل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في استصدار أمر قضائي بمنع نشرها،
صدرت أخيرًا مذكرات مستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون، في كتابه الجديد
بعنوان: «الغرفة التي شهدت الأحداث»، في 570 صفحة، مقسمة إلى 15 فصلًا، بالإضافة
إلى ألبوم صور يظهر أبرز الشخصيات التي التقاها المؤلف، وأهم المحطات التي كان
شاهدًا عليها.
كان الموعد المقرر
لطرح كتاب بولتون الجديد رسميًّا هو أمس، الثلاثاء 23 يونيو (حزيران)، رغم ظهور
نسخة إلكترونية مقرصنة قبلها بنحو 48 ساعة.
يسرد بولتون قصته مع
ترامب والمراحل المختلفة التي مر بها منذ فوز ترامب بالرئاسة، حتى تعيينه مستشارًا
للأمن القومي، وصولًا إلى استقالته التي قدمها في سبتمبر (أيلول) العام الماضي. وينقل
كتاب بولتون الجديد الصورة من داخل البيت الأبيض كما لم ينقلها أي ممن دخلوا إدارة
ترامب، ويحكي عن قضايا عديدة كان لترامب فيها مواقف جدلية، فيشرح خلفياتها وما دار
بين وزرائه ومستشاريه في الكواليس، ومن هذه القضايا: الانسحاب الأمريكي من سوريا
والعراق، واغتيال الصحافي السعودي خاشقجي، وطريقة التعامل مع روسيا، والعلاقة
السياسية والاقتصادية مع الصين، والانسحاب من حلف الناتو، واتفاق السلام مع طالبان.
نقدِّم في السطور
التالية عرضًا شاملًا لأبرز المحاور التي تضمنها كتاب بولتون الجديد، الصادر عن
دار نشر «سايمون وشوستر».
1. المسيرة الطويلة إلى مكتب
الجناح الغربي
في الفصل الأول من
الكتاب، يستعرض بولتون الظروف التي تولى فيها منصب مستشار الأمن القومي في إدارة
الرئيس ترامب، قائلًا: عندما تعمل مستشارًا للأمن القومي تجذبك كثرة التحديات التي
تواجهك. وإذا كنتَ تنفر من الاضطرابات، ولا تحب مقابلة شخصيات دولية ومحلية،
فجرِّب شيئًا آخر. إن العمل في مثل هذا الموقع أمر مبهج، ولكن يصعب سبر أغواره.
«محور الراشدين».. هل
نجح في كبح جماح ترامب؟
يعجز بولتون في كتابه
عن تقديم نظرية شاملة عن تحوَّل إدارة ترامب؛ لأنه يتعذر ذلك في رأيه. والحقيقة
التي خلص إليها هي أن ترامب كان دائمًا غريبًا ومترددًا؛ إذ خضع في الأشهر الـ15
الأولى لـ«محور الراشدين» (مصطلح يستخدم في واشنطن للإشارة إلى: الجنرالات وقادة
الأعمال وأعضاء الحزب الجمهوري الذين يكافحون لتوجيه دفة الرئيس، وكبح جماح نزواته
التخريبية). لكنه مع مرور الوقت، أصبح أكثر ثقة، ولا يحيط به إلا الإمَّعات – على
حد وصف بولتون – وتسبب «محور الراشدين» في مشكلات دائمة؛ ليس لأنهم تمكنوا من
إدارة ترامب بنجاح، ولكن لأنهم فشلوا في ذلك.
يضيف بولتون: لقد
اعتقدتُ لفترة طويلة أن مهمة مستشار الأمن القومي هي التأكد من أن الرئيس يستوعب
الخيارات المتاحة أمامه لاتخاذ القرار الصحيح، ومن ثم التأكد من تنفيذ الجهات
المعنية لهذا القرار.
لكن «محور الراشدين» خدم
ترامب على نحو سيئ للغاية، باتباعهم مصلحتهم الشخصية وإدانة أهداف ترامب على
الملأ، مما أثار شكوك ترامب فيمن حوله. ويستدرك المؤلف: «محور الراشدين» ليس
مسؤولًا بالكامل عن هذه العقلية، فترامب هو ترامب.
رغبة بولتون في منصب
مستشار الأمن القومي
يضيف المؤلف: بعد أقل
من شهر في الإدارة، دمَّر مايك فلين، مستشار الأمن القومي، نفسه بنفسه، وفقد ثقة
ترامب الكاملة. ولسوء الحظ، كان الارتباك والاضطراب هما سِمَتَي موظفي مجلس الأمن
القومي في الأسابيع الثلاثة الأولى للإدارة. وتكهَّنت الصحافة بأن خليفة فلين
سيكون جنرالًا آخر.
في يوم الجمعة، 17
فبراير (شبَّاط)، أرسل ستيف بانون رسالة نصية إلى بولتون يطلب منه الحضور إلى
منتجع مار ألاجو لمقابلة ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع. وحين وصل بولتون أخبره
أحد الضيوف بأنه سمع ترامب يقول عدة مرات: «لقد بدأت أحب بولتون حقًّا».
استقبله ترامب
بحرارة، معبِّرًا عن مدى احترامه وسعادته بترشيحه مستشارًا للأمن القومي، وعرض
عليه مناصب أخرى فرفض بولتون بأدب، قائلًا: «أنا مهتم بوظيفة مستشار الأمن القومي
فحسب». في طريقه إلى واشنطن، وبينما هو على متن الطائرة، علم بولتون أن ترامب
اختار هربرت ماكماستر مستشارًا للأمن القومي.
أولى نصائح بولتون
لترامب
عاد بولتون إلى البيت
الأبيض في يونيو (حزيران) لرؤية ترامب، وهنأه على الانسحاب من اتفاقية باريس
للمناخ، وحذره من إضاعة رأس المال السياسي لتحقيق هدف بعيد المنال يتمثل في حل
الصراع العربي الإسرائيلي.
أيّد بولتون بشدة نقل
السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل. وفيما
يتعلق بإيران، حثَّ ترامب على المضي قدمًا في الانسحاب من الاتفاقية النووية، لكن
بينما كان بولتون يحذر من استخدام العنف في هذا الملف ويرشحه آخر خيار، كان ترامب
من ناحيةٍ أخرى يعبِّر عن دعمه لنتنياهو إذا اتخذ قرارًا بالعنف ضد إيران.
0 تعليقات