محمود جابر
هناك نوع من البشر سمتهم
البأس الروحى، وجلد الجسد فى غير ظلم ولا بغى...
هذا النوع من البشر
تجده كالبوصلة وسط الأمواج العاتية، هذا النوع من البشر يمكن أن نسميه الخليفة –
وفق المفهوم الإلهي- أو النموذج وفق مفهومنا الذي نطرحه ... أو الإمام وفق مفهوم الإمام
اللغوي .
وأنا لن أخوض فى
المفهوم الاصطلاحي على تعدد مدارسه الآن...
وبالعودة إلى النموذج
المشار إليه (على).. او النموذج عليٌ
نجد الرجل فيه بأس روحى نادر، فهو فى الصعاب
والملمات والنوازل صلب كالجبل، لا يخشى فارس العرب عمرو بن ود، ولا يهرب يوم فر
الناس فى أحد، وهو يحمل باب خيبر بيده ... أنه الجسد القوى فى غير بغى، إنه الحيي
الذى يرفض السلب، ويأبى أن يرى عورة من يقاتله ...
قوة وصلابة هذا
النموذج تأتى من فرط بساطته فهو يشبعه كسرة الخبر، والحليب الحامض والملح، و صدقه يشد من عضد يقينه الذي لا يتزعزع مهما
خاف من حوله .
يقف على قمة الدرجات فى سلم المعرفة "
سلونى" , حتى فى ارتقاءه عينه صوب الأعلى
. لهذا فهو لا يكترث من السقوط، لأنه يعبد من يرى , ورغم هذا فهو مدرك انه لم يبلغ القمة, عالم انه عليه الاستمرار .
على من فرط هذا قُدر
له أن يحصل علي قوة رؤية الغيب . جزء منها – الرؤية – هو فيها مشاهد وجزء منها
فاعل يتقن التدبير، ولكنه مسلم بان يرحل مذبوحا غير خائف . اجتمع حوله جحافل الأعداء و حاصره وحده , لكنه كان مطمئن مبتسم عالم أنه
حتما سيعبر ويتركهم يتقاتلون .... على ما ذهد فيه وترك .... إنه (علىٌ) .
كان عظيما بالحياة , دون
اشتهاء , ودون رغبة , ودون توقف عن الحركة و التدبير لنفسه , غذاءه الذي أخرجته السماء
يخلق فيه هدوء النفس وعسل الحلق وهمس
المعرفة, و نور وميضه الفكر برأسه , و شعلة القلب المتوهجة . تكسر و تعطي من بركته
و عينه بالسماء و الأرض بذات الوقت .
على بن أبى طالب (
النموذج) كان سيد العدل, يترك ما يشغله ليهرع لمساعدة احدهم لا يعرفه، أو يعرف أنه
مظلوم من الناس ظالم لنفسه ولكن كان له درعا وسيفا وحصنا .
لمست علىٌ مدارس
للمعرفة، تشعل القلب بحطب النور , و زيت السماء , يصنع بركة فى المجالس لمن أحب
ومن كره ...
إنه النموذج عليٌ
0 تعليقات