عمر حلمي الغول
منظمة التحرير
الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني تعرضت على مدار العقود الخمسة
الماضية للكثير من الإرباكات والمحاولات الهادفة للانتقاص من دورها ومكانتها،
وتشكيل مرجعيات بديلة عنها تحت عناوين ويافطات "وطنية" مرة باسم "الإصلاح"،
ومرة باسم "عدم أهلية القيادة الشرعية"، وأخرى "إعادة الاعتبار لها"
ومرات بالانقلاب الأسود والحروب والمؤامرات الإسرائيلية الأميركية الأخوانية ومن
والاهم من العرب، بالإضافة لعمليات التجويع وتجفيف المصادر بهدف تصفيتها والقضاء
عليها. لا سيما وإنها تعتبر من أهم منجزات الشعب العربي الفلسطيني.
ولم ولن تتوقف
الهجمات على المنظمة، لإن القوى المتربصة بها ضاقت ذرعا، ولم تعد تحتمل صمودها،
ووقوفها شامخة حاملة راية الحرية والاستقلال والأهداف الوطنية. وآخر نسخة من
الإستهدافات ما يجري الآن في اوساط بعض القوى السوداء كحركة حماس ومن والاها والنخب
الفلسطينية المتساوقة معها، او المضللة، او الرافضة الأخطاء والنواقص الموجودة في
بنيتها، او المدفوعون بحسابات شخصية انتقامية وكيدية، التي تقوم بجمع التواقيع على
مذكرة تدعو ل"إصلاح" المنظمة عبر إجراء انتخابات للمجلس الوطني، وإعادة
تشكيل هيئاتها القيادية.
ومن ينظر للدعوة بشكل
مجرد بعيدا عن الخلفيات الخطيرة، لا يرى غضاضة في المذكرة والتوقيع عليها، خاصة
وان العديد من الشخصيات الموقعة ذات خلفيات وطنية صادقة. لكنها نسيت وتجاهلت
اللحظة والواقع المعاش، والتحديات الماثلة والمفروضة على المنظمة والشعب والقضية
في آن. بيد ان الهدف من المذكرة يتمثل في اولا إفراغ المنظمة من محتواها ودورها
ومكانتها الشرعية؛ ثانيا التشويش والتشكيك بوحدانيتها كممثل شرعي ووحيد للشعب؛
ثالثا عدم إمكانية إجراء انتخابات ديمقراطية في الشتات ولا حتى داخل الأراضي
المحتلة عام 1967 في ظل التطورات العاصفة على الأرض، وبالتالي الدعوة يافطة كاذبة،
لإنها غير ممكنة التحقيق؛ رابعا الدعوة الآن تضرب مصداقية الموقف الوطني للقيادة
الشرعية بعد ان تحللت من الاتفاقات الموقعة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية ومن
خلفها الولايات المتحدة الأميركية، التي تعمل على التصدي للهجمة المستهدفة المنظمة
والمشروع الوطني والشعب الفلسطيني برمته؛ خامسا تسليم رقبة المنظمة لفرع جماعة
الإخوان المسلمين في فلسطين الانقلابي، والذي وُجد أساسا لتصفية المنظمة والمشروع
الوطني وتحت يافطة خادعة معنونة ب"المقاومة"، والمقاومة براء منهم ومن
مشروعهم التآمري طالما بقيوا جزءً من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
مما لا شك فيه، ان
المنظمة تعاني من النواقص، وفيها أخطاء وعيوب، وتم تهميش دورها خلال العقدين ونصف
الماضية لإعتبارات ذاتية وموضوعية. بيد ان تلك النواقص والأخطاء يمكن تجاوزها من
خلال ممارسة الضغوط الشعبية الهادفة فعلا لتطوير دورها وفعلها في أوساط الشعب، ومن
خلال المساهمة الجادة باستخدام سلاح النقد البناء والمسؤول لعمل هيئاتها القيادية،
وطي صفحة الانقلاب الأسود، وانضمام حركتي حماس والجهاد لحاضنتها بعد توطن حماس في
الصف الوطني، والابتعاد عن مشروع الإخوان المسلمين التخريبي، ومن خلال المشاركة
الجمعية في المقاومة الشعبية الواسعة والنضال السياسي والدبلوماسي وعلى كل الصعد
والمستويات، وتعميق مبدأ الشراكة السياسية داخل اطر ومؤسسات المنظمة، وإجراء
التعديلات الضرورية للوائحها وأنظمتها الداخلية بما يضمن إعادة توزيع المسؤوليات
والمهام في السفارات والدوائر وفق موازين القوى وثقل كل فصيل في الساحة
الفلسطينية، وتعزيز دور الصندوق القومي في مختلف الساحات وخاصة في أراضي الدولة
الفلسطينية المحتلة عام 1967، وقيامها بمهامها الواجبة في كل التجمعات وخاصة في
الشتات ومنطقة ال48 وفي أوساط الجاليات بعد توحيدها على أرضية برامج عمل موحدة
ووفق الساحات والدول التي تعيش بين ظهرانيها... إلخ
وأمام التحديات
الجسام المنتصبة أمام المنظمة، والمستهدفة القضية والمشروع الوطني تملي الضرورة
على كل غيور وطني، وحريص على مكانة المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الكف عن الركض
في متاهة القوى المتربصة بالمنظمة، وتغليب مصالح الشعب العليا على كل اعتبار، وعدم
الانجرار وراء الأحقاد وتصفية الحسابات الشخصية والفصائلية والأجندات الخارجية، والارتقاء
لمستوى المسؤولية الوطنية لنتمكن جميعا من وأد وتصفية صفقة القرن وأحد عناوينها
الضم، وطرد الاستعمار الإسرائيلي من الأرض الفلسطينية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com
0 تعليقات