آخر الأخبار

الإمام جعفر الصادق مسيرة العطاء





 

 

ستار النعماني

 

 

    إلى من رفد روح المعرفة والوعي بترانيم الوحي والرسالة

كنت وستبقى حاضرا في كل معارف الحياة …فقهاً وعلوم وتربية

   لم تدع شكا يساور الناس إلا واجهته …          بيقين كلماتك

أحاط بالزمان فرسم معالم مستقبله … دولة الإنسان

وأحاط بالمكان فخط الحدود لمنطلق رسالته … الكوفة

من ينبوع أصالتك كانت هناك أصالة وطن …العراق

 

إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق (صلوات الله وسلامه عليه )… في ذكــــــــرى الشـهادة..

 

 

من حق كل شعب وكل امة وكل حضارة أن تفتخر برموزها وقادتها وعلمائها وعدم تناسيها أو التقصير في تبيان فكرها ومواقفها فهناك رجال كتبوا للأمة تاريخها وشيدوا مرتكزات حضارتها أعطوا للتاريخ بعداً روحيا وعلميا وفكريا تركت بصماته على التاريخ البشري يقول المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) بهذا الصدد “عرض النماذج الكاملة من رموزنا ودراسة سيرتهم وتحليلها وبيان نقاط العظمة فيها وهم كثر بفضل الله تبارك وتعالى وأولهم أكمل الخلق جميعاً محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب اخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونفسه والأئمة الطاهرين وأصحابهم البررة لأن من طبع الناس التأثر بالرموز الكبيرة الشهيرة والاقتداء بها وقد نبه القرآن الكريم إلى أهمية هذا الأسلوب في التربية وهو الاقتداء بالنماذج الكاملة قال تعالى (لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ) فإذا لم نوفر للناس مثل هذه الأسوة فإنهم سينساقون وراء قدوات تافهة كالرياضيين والفنانين و نحوهم”.

 

الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) سادس أئمة أهل البيت عليهم السلام ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى شهادته (عليه السلام) نستلهم من حياته الدروس والعبر والمواقف النبيلة فله من المناقب والفضائل ما يعجز عن تعدادها يقول العلامة الفيض الكاشاني ” حتى أن من كثرة العلوم المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الإحكام التي لا تدرك عللها, والعلوم التي تقصر الإفهام عن الإحاطة بحكمها تضاف إليه وتروى عنه” .ان من أهم المهام التي تميزت فترة الإمام الصادق بها هي “التصدي لتنمية الكتلة الواعية التي عرفت بالتاريخ باسم الشيعة هذه الكتلة التي كانت هذه القاعدة الشعبية المؤمنة بمدرسة الإمام علي (عليه السلام) في الشريعة وفي الحكم وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي الأخلاق وفي السلوك وفي كل الميادين التي أعطى فيها الإمام علي (عليه السلام) أروع تمثيل للنظرية الإسلامية.

 

 

 أئمة هذه المرحلة أتو للتطبيق ببناء هذه الكتلة ورفعها وتوسيع قواعدها الشعبية وإعطائها إطارها ومعالمها الخاصة الفكرية والاجتماعية في مجموع العالم الإسلامي “كما عبر السيد محمد باقر الصدر(قدس سره).

 

شهدت فترة إمامة الإمام الصادق (عليه السلام) بروز ظاهرة تعدد المذاهب والمدارس الفقهية ولا يخفى ما مارسته السلطة في توفير دعم ومناخ لانتشار هذه المذاهب في سبيل التعتيم على مدرسة أهل البيت وعلومها والتي طالما شكلت مصدر قلق للسلطات ولأجل تمييز مدرسة أهل البيت عليهم السلام قام الإمام الصادق عليه السلام بتبيان خصائص وصفات من ينتسب الى هذه المدرسة الشريفة حتى لا يكون هناك من يحسب على هذه المدرسة وهو غير مستوفي للشروط والمميزات الواجب توفرها لحمل هذا العنوان الشريف وقد علل المرجع الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) هذا الموقف قائلا” وفي الحقيقة فان الإمام (ع) حينما يبين صفات شيعته بهذا الوضوح انما يوجه رسائل لعدة فئات:

 1- شيعته ليبيّن لهم واجباتهم.

 

 2- الذين يدّعون الانتساب إليه نفاقا لتحقيق مآربهم وخداع الأمة لفضحهم وكشف زيفهم حينما يقارن الناس بين أفعالهم وبين ما يريده الإمام (ع) منهم.

 

 3- الفئات الأخرى ليدعوها الى هذا الحق الصريح ويقيم الحجة عليها وليقول لهم أن منهجاً بهذه التفاصيل أحق أن يتّبع.

 

 4- أعدائه الذين يسعون إلى قتله معنويا ومحاربته وتصفيته جسدياً بأن من كان على هذا الهدى هل يستحق منكم ما تفعلون به.

 

انشأ الإمام الصادق (عليه السلام) منظومة عقائدية وفكرية وعلمية رصينة ساهمت بالحفاظ على الرسالة من الهجمات التي كانت تشن من قبل أعداء الإسلام وساهم بنشر المعارف والعلوم بكل مجالاتها حتى أصبحت مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) من اكبر المدارس العلمية وقصدها طلبة العلم من كل مكان لتحصيل العلوم . أعاد الإمام عليه السلام الى الأمة الإسلامية روحها من خلال الحث على طلب العلم وبدأت الحياة الفكرية تعاود نشاطها من خلال البحث والتأليف والترجمة بعد ما حاولت السلطات الظالمة إيقافها وقام عليه السلام بتربية جيل مسلح بأدوات العلم والمعرفة قادر على المواجهة الفكرية مع الاتجاهات المعادية للإسلام وقد ساهمت مدرسة الإمام الصادق (عيه السلام) بازدهار الحضارة الإسلامية كما ساهمت هذه الحركة الفكرية للإمام (عليه السلام ) بالحفاظ على مستقبل الإسلام . إضافة الى المكانة الروحية والعلمية التي تمتع بها الإمام (عليه السلام) بين أوساط المجتمع فقد ملك القلوب مما جعل السلطات تخشاه خوفا على سلطانهم وسياسة اغتيال المصلحين كانت جاهزة ومضى الإمام (عليه السلام) الى ربه مسموماً شهيدأ .

 

سلام الله عليك يوم ولدت ويوم استشهدًت ويوم تبعث حيا ورحمة الله وبركاته

 

 

 


إرسال تعليق

0 تعليقات